مهلاً .. مخلدون فيها .. أنتم مخلدون !

مهلاً .. مخلدون فيها .. أنتم مخلدون !

مهلاً مخلدون فيها أنتم مخلدون !
مهلاً مخلدون فيها أنتم مخلدون !

“قالت العصا :-

– يحدث أن ينطلق خيالى أحياناً متسائلاً :-

” كيف يقضى الناس يومهم الأول فى جنة الخلد؟ .. ”

أغلب ظنى أن فقراء الدنيا سيرتمون على المائدة الشهية و الفاكهة الجنية , يأكلون منها أكلاً يزعج الحراس من الملائكة , فيبادرون إليهم منبهين مذكرين :-

مهلاً .. مهلاً .. مخلدون فيها .. أنتم مخلدون ! .. ولكن فقراء الدنيا لا يسمعون .. أو لا يريدون أن يصدقوا ما يقال .. فهم يملأون البطون مما لذ و طاب , كأنما الموائد ستُرفَع عنهم بعد حين .. و الفاكهة ستزول بعد قليل .. مثلما كان يحدث لهم فى دار الفناء فيما يسمى : ” مطاعم الشعب ” ! .. و كأنى بحراس الجنة من الملائكة و قد أخذتهم الشفقة بهؤلاء الناس , أقبلوا عليهم يقصونهم بلطف عن الموائد , ناصحين :-

– رفقاً ببطونكم .. إنكم واجدون ها هنا دائماً كل هذا الطعام ! ..

فترفع الأصوات :- ” دائماً .. وإذا جعنا يوماً ؟؟ ..

– أنتم هنا لن تجوعوا أبداً .. أبداً ..

– ومن يضمن لنا ذلك ..و كانوا كذلك يقولون لنا فى الدنيا . كان هناك رجال يقولون لنا :- ” لن تجوعوا فى ظل مبادئنا ! ” .. فتبعناهم فى شطر من الدنيا فوجدنا الدولة تجوع من أجل الفرد .. و تبعناهم فى الشطر الآخر فوجدنا الفرد يجوع من أجل الدولة ! ..

– جنة الخلد هى المكان الذى لا يدخله الجوع ..

– سنرى ..

قالها القوم و كل منهم يلتهم تفاحته الرابعة , وكأنها يسر لصاحبه “- ” تفاحة فى اليد , ولا عشر فى الغد ! ” .

فهمس أحد الحراس من الملائكة لزميله :-

– إن الخوف من الجوع لم يمت فيهم بعد , لعل الجوع هو أول ما يولد على الأرض و آخر ما يموت ..”

توفيق الحكيم

m2pack.biz