ناجي العلي وحنظلة ضيوف دارة الفنون… الفن والحرية «وارتباطهما بعوالم المضطهدين»

ناجي العلي وحنظلة ضيوف دارة الفنون… الفن والحرية «وارتباطهما بعوالم المضطهدين»

ناجي العلي وحنظلة ضيوف دارة الفنون…  الفن والحرية «وارتباطهما بعوالم المضطهدين»

عمان «القدس العربي»: اقامت مؤسسة خالد شومان «دارة الفنون» في العاصمة الأردنية عمان لقاءها الشهري حول «الفن والحرية وعوالم المضطهدين» واستلهمت ناجي العلي نموذجا، حول ارتباط جوهر الفن بالحريّة والتغيير، بتحدّثه عن واقع بديل ومتخيّل يحقق فيه الإنسان رغباته ويتحرّك فيه بدون قيود.
الندوة التي قدمها الكاتب هشام البستاني تحدث فيها كل من الباحث مجدي ممدوح ومستشار الدارة فيصل دراج، حيث ابتدأ ممدوح حديثه حول علاقة الفن بالحرية، موضحا أنها ليست علاقة جوهر وليست إضافة تلحق بمنتجي الفنون، وليست حقا من حقوقهم يتوجب عليهم النضال من أجلها، بل إن الحرية داخلة في ماهية منتج الفنون، سواء كان أديبا او تشكيليا او منتجا لأي فن كان. وهكذا يصبح الفنان حرا بالتعريف، ولم يكن المناضلون من أجل حرية منتجي الفنون على صواب حين ألحقوا حرية الفنان بنظريات الحق، بل كان يتوجب عليهم إقرار هذه الحرية وفق نظريات الماهية، لأن الحرية مقولة ماهوية داخلة في ماهية الفنان .
نظرية الفن المرتبطة بالرومانسية – بحسب ممدوح – أوضحت أن الفن بمجمله ما هو إلا خروج عن الاشتراطات المرتبطة بجبرية الزمان والمكان والسببية، فهذا الثالوث يطبق علينا وعلى وجودنا حتى لا يترك لنا متنفسا من الحرية. وشرفة الحرية المتاحة أمامنا هي الهروب إلى الفن، حيث نستطيع تشكيل الزمان وإدخال آنات الزمان في ماضيها وحاضرها ومستقبلها في حوار وامتزاج في أعمالنا الفنية. كما اننا نستطيع أن نكسر قوانين السببية في العمل الفني، والذي لا نستطيع ان نكسره في الحياة، ولو تفحصنا مثلا أعمال السورياليين لوجدنا انها بمجملها قائمة على كسر السببية والدخول إلى عالم الحرية المطلق.
وتناول ممدوح حرية التأويل، مبينا أن الفن الحداثي أعطى فسحة جديدة من حرية التأويل، فلقد أصبح المتلقي يمتلك حريات غير معهودة في إنتاج الدلالات من خلاله، مما منح العمل الفني مساحات إضافية وصلاحيات غير محدودة للتأويل بعيدا عن قيد الدلالة الواحدة الذي كان مفروضا في الماضي في ظل سطوة المؤلف.
في الورقة التي قدمها دراج تحدث عن ناجي العلي الذي عين فنه نقداً سياسياً بامتياز، ولم يكن بإمكانه أن يفعل غير ذلك، وهو الإنسان العفوي، الصادق في عفويته، الذي رأى طريقاً وحيداً بين المنفى والوطن، وانتسب إلى هؤلاء الذين يوحدون بين الأمل والمعركة، ولا يكترثون بالبلاغة وبالأيديولوجيات الصارخة. كان عليه، في المجال الذي اختاره مهنة ورؤية، أن يصطدم بالسلطة السياسية، في شكليها العربي والفلسطيني، وأن يرسم عدوه الوطني بأبعاد مختلفة، وأن ينتمي إلى المضطهدين، الذين يشعرون بالظلم ولا يستطيعون التعبير عنه. وحّد ناجي، على خلاف مثقفين كثيرين، بين العقل والشعور، إذ العقل يطرح الأسئلة ويفتش عن إجابات، والتعبير يأتي من الروح ومدارس الحياة والتجربة، ومن شغف بقلم فني، يرى وراء الواقعي المباشر حقيقته، حيث للنفط أرواح مشتقة منه وللكلام العادي أبعاد غير عادية.
ولا يمكن الحديث عن ناجي العلي من دون ذكر حنظلة الذي لا وجه له، وجهه حقيقته، ووجهه واسع ممتد، تجمّعت فيه وجوه الذين ينتمون إليه، الذين يقيمون حداً فاصلاً بين الشعبي والسلطوي، بين المقهورين والذين يقهرونهم، وبين السخرية الهازئة الحكيمة والتجهّم السلطوي الذي يقدّس الإكرام والجمود. إنهم هؤلاء العراة، الذين يدركون معنى الحقيقة، رغم عريهم.
وأضاف دراج: «حنظلة، كما الفنان الذي يقف وراءه، له رسالة، له صوت، وأداة تعبير وكلام، وله تلك الروح الساخرة المؤنبة التي تعبّر عنها الأشكال: برميل النفط الذي يلتبس بالمتسلط الذي يبيعه، الذي يصبح بدوره برميلاً آخر، يقف إلى جانب براميل أخرى عالية الألقاب، بل انه برميل نفطي يتدحرج مع البراميل الأخرى. لا قيمة له، فقيمته من النفط الراقد فيه. ولهذا يساوي المتسلط النفطي الثمن الذي وضع عليه، وهو بالدولار عادة، تلك العملة التي تكسو البرميل عباءة، وتضع في يده مسبحة، وتضع له حارساً يشبه البرميل بدوره.
آية الخوالدة

m2pack.biz