نشأته وشخصيته13من اصل16
وإن لم يكن له هذا الشأن عندنا نحن اليوم أو عند ناقديه من معاصريه.
ونحن على يقين أننا اليوم نتردد في الجواب إذا سئلنا: “من غير مروان بن الحكم كان خليقًا أن يعمل لعثمان عمل الكاتب الوزير الذي يعمل له كأنه يعمل لنفسه في سره وجهره”.
إننا نعرف رجال تلك الفترة المرشحين لمثل هذا العمل، فمن منهم يتولاه إذا استغنى عن مروان؟.
ليس مروان بأفضل من يكتب للخليفة في عصره، ولكن الذين هم أفضل منه لا يرتبطون بهذا العمل ارتباطه، ولا يطالبهم عثمان بما يطالب به مروان من خدمته وولائه.
لقد ذهب عثمان إلى العباس يشكو عليًا ويكاد يعم بالشكوى بني عبد المطلب، لأنه يحسبهم ذوي حق غلبوا عليه، فإذا خامرته هذه الشكوى صوابًا أو خطأ، وخامرته في أناس كبني عبد المطلب على مثل ذلك الصواب أو ذلك الخطأ، فهو لا يتخذهم وزراء كتبة يعملون له ويرتبطون بخدمته كارتباط مروان ومن إليه، ولعله لو لم يشكهم لا يخطر له أن يكلفهم عملًا كعمل كاتبه ووزيره فإنهم في مقام الأنداد ولهم شاغل عن عمل يرتبطون به إلى جواره.
ولا نقول إن عثمان لم يكن يستمع لمروان، ولا أنه كان يستمع للصواب من رأيه ويعرض عن الخطأ منه، ولكنما نريد أن نقول ان ما بينهما ليس بطاعة الضعيف يلعب به القوي، وانه اختيار له سببه الذي يوضع في ميزانه عند عثمان وغير عثمان حين يكون في مكانه.
والسؤال الواجب على أية حال في كل مقام كهذا المقام هو: “ماذا كان أجدر وأجدى من هذا؟” فإن كان الجواب قاطعًا فقد أمكن القطع بالخطأ، وإن كان الجواب يحتمل رأيًا هنا ورأيًا هناك فليس التردد بينهما بالدليل حتمًا على الضعيف والاستسلام.
واتباع عثمان لمشورة مروان أو لمشورة غيره، لم يكن قط ذلك الاتباع الذي يعاب جملة أو يستحسن جملة، ولم يكن طاعة المستسلم الذي لا يدري فيم يستسلم،