نماذج وآليات عمل الذاكرة
1 من أصل 2
هناك عدة نماذج مختلفة لكيفية عمل الذاكرة ترجع إلى العصور الكلاسيكية. فمثلا: شبه أفلاطون الذاكرة بلوح الشمع، الذي تنطبع عليه الانطباعات أو «تشفَّر»، ثم «تخزن» بعد ذلك، كي نعود إلى هذه الانطباعات (أي الذكريات) و«نسترجعها» في وقت لاحق. هذا التمييز الثلاثي بين «التشفير» و«التخزين» و«الاسترجاع» لازم الباحثين العلميين حتى العصر الحديث. وشبه فلاسفة آخرون في العصور الكلاسيكية الذكريات بطيور في قفص أو بكتب في مكتبة، مشيرين إلى صعوبات استرجاع المعلومات بعد تخزينها؛ أي اصطياد الطائر المراد أو العثور على الكتاب المطلوب.
وقد أدرك المنظرون المعاصرون أن الذاكرة عملية «انتقائية» و«تأويلية». بعبارة أخرى، تتسم الذاكرة بقدرة أكبر من مجرد التخزين السلبي للمعلومات. علاوة على هذا، بعد تعلم معلومة جديدة وتخزينها، يمكننا انتقاء وتأويل ودمج شيء بآخر؛ لنحسن الاستفادة مما نتعلمه ونتذكره. ومن المحتمل أن يكون هذا أحد الأسباب التي تسهل على خبراء الشطرنج تذكر مكان القطع على رقعة الشطرنج، ولمشجعي كرة القدم تذكر كل الأهداف الكروية في نهاية الأسبوع؛ أي بفضل معرفتهم الواسعة والروابط المتبادلة بين العناصر المختلفة لهذه المعرفة.