نَحوَ المِقصَلَة

نَحوَ المِقصَلَة

نَحوَ المِقصَلَة

آَكُلُ عَلَى أضَواءِ النِّيُون
يدورُالماءُ وَالطَّعامُ مِن حَولِي
بِصَفائحَ مَعْدِنيَّة
لَا أَستَطِيعُ الحَرَكة
بينَ صَفِيحَتَينْ مَحشورَةٌ
أَحاوِلُ الوقوفَ طِيلَةَ النهارِ
فَتَلهَثُ أقدامِي
عَلى الأرضيَّةِ المعدنية
أنامُ على صُرَاخِ الماءِ في الأنابيب
أستَيقِظُ
فَأَرى كلَّ شَيءٍ شَاحب
/
لا أَعْرِفُ مَن هِي أُمِي
و لا مَن هوَ أَبِي
فِي رَأسِي صُورَةٌ عَن شَيءٍ أَخْضَرْ
سَأُسَمِيهِ غَابَة
وَعَن شَيءٍ أَزرَقْ سَأُسَمِيهِ سَمَاءْ
وَعَن حِجَارةٍ وَتُرَابْ سَأُسَمِيهِمَا أَرضْ
وَعَنْ فِضَّةٍ تَجْرِي فِي الحُقُولِ سَأُسَمِيهَا نَهر
حَطَّت عَلَى جَسَدِي يَدٌ مَعْدِنِيَّة
وَرَمَت بِي عَلَى بساطٍ مُتَحرِّك
رَأَيتُ كَائِنَاتٍ تُشْبِهنَنِي
لُغَتُهُم كَلُغَتِي التِي كُنتُ أُكّلِّمُ بِهَا نَفْسِي فِي الغُرْفَةِ المَعْدِنِيَّة
وُجوهِهِم وَجهِي في رَأيتُ
وَفِي عُيُونِهِم رَأيتُ مَن أَكُون
هَمَمْتُ بِالكَلَامِ
فَهَطَلَت دِماؤُهُم فَوقي
شَمَمْتُ فِيهِ رَائِحَةَ طَعَامِي
من خلالِ عيون حَمرَاء
رَأَيْتُ رُؤوسَاً تَتَطاير
اسْتَدَرتُ كَي أُوقِفَ البِسَاطَ
فَرَأيتُ جُمُوعاً
بعضُهُم يَضْحَكْ
وَبَعْضُهُم يَبكِي
وِبَعْضُهُم يَسكَر
وَ بَعضُهُم يَرمي بأشعاره
في زُجَاجَاتٍ مِن رَملْ
يَتَزَوَجُون
يُنْجِبُون الأَطْفَال
يَتْلُونَ ذُنُوبَهُم أمَام أَسْيَادٍ نَصَبُوهُم عَليهٍم
وَلِكلٍّ مِنهُم صِلَاة
ولِكُلٍّ مِنهُمُ إله
يَسُنُّونَ القوانين
وَيأمُرونَ بالإِعْدَام
يَقْتُلُونَ وِيُقتَلُون
يَمُوتُون
يَنتَحِرون
مَنهُم مَن يُسافرُ المَكانُ بِهِ
والبِساطُ كامِنٌ فِيه
بَينَ المِقصَلَتِينِ أحيا
وَبَينَ المَجْهُولَيْن أمُوت
لا ذَاكِرةَ قَبلَ ذَاكِرَةِ العُلْبَةِ المَعْدِنِيَّة
وَلا تُصَوُّرَ عَمَّا بَعْدَ المِقْصَلَة
مِن أَغْلَقَ بَوَّاباتِ الزَّمَنِ مِمَّا قَبلَنَا ومِمَّابَعدَنَا؟
أَطُوفُ حَولَ نَفسي
لِأكسرَ
حُدُودَ الزَّمانِ و المَكان
كَي أَعبُرَ المِقْصَلَةَ
أَنَا دَجَاجَةُ المَدْجَنَة
شاعرة سورية – باريس

m2pack.biz