أمريكا تخفّض عدد قواتها في العراق… و«التحالف» يحوّل دعمه من عسكري إلى أمني

أمريكا تخفّض عدد قواتها في العراق… و«التحالف» يحوّل دعمه من عسكري إلى أمني

أمريكا تخفّض عدد قواتها في العراق… و«التحالف» يحوّل دعمه من عسكري إلى أمني

بغداد «القدس العربي»: بعد إعلان بغداد، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، انتهاء العمليات العسكرية وتحرير جمع الأراضي العراقية من سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية»، بدأت، أمس الإثنين، بالترتيب لتقليل أعداد القوات الأمريكية المتواجدة في البلاد، وتحويل دعم «التحالف الدولي» من «العسكري» إلى «الأمني» وبناء قدرات القوات الأمنية العراقية.
المتحدث باسم الحكومة العراقية، سعد الحديثي قال ل«القدس العربي»، إن «الدعم العسكري الذي قُدم للعراق من الولايات المتحدة الأمريكية والدول المنضمة في التحالف الدولي خلال الفترة السابقة كان بطلبٍ من الحكومة العراقية، ومرتبطا بحاجات الحرب على الإرهاب».
وأضاف: «بعد أن حقق العراق النصر العسكري الكامل على الإرهاب، من الطبيعي والمنطقي أن يشهد هذا الدعم تخفيضا وتقليلا بصورة تدريجية وعلى مراحل وبشكل متتابع»، مبيناً أن «الدعم سيتحول من دعماً عسكرياً إلى دعماً أمنياً، لاستكمال بناء قدرات القوات العراقية على المستوى الأمني وتعزيز جاهزيتها لمواجهة أي تحديات مستقبلية».
وحسب المتحدث باسم الحكومة العراقية، فإن «هذا الأمر يجري العمل عليه بالتنسيق بين الحكومة العراقية والجانب الأمريكي وعددٍ من الدول المنضوية في التحالف الدولي»، مشيراً إلى أن «شكل ومستوى وطبيعة الدعم الذي سيبقى في الفترة المقبلة ستحدده الحكومة العراقية، بناءً على المقتضيات العسكرية والميدانية والأمنية، إضافة إلى المصلحة الوطنية العراقية».
ويبلغ عدد المستشارين والخبراء والمدربين الأمريكيين المتواجدين في العراق أكثر من خمسة آلاف شخص، من مجموع أكثر من ثمانية آلاف آخرين من الدول المنضوية في «التحالف الدولي»، وفقاً للحديثي الذي أكد أن «العدد الأكبر منهم هم من الأمريكان، ويجري التنسيق مع الجانب الأمريكي بشأن البدء بتخفيض أعداد هؤلاء بشكل تدريجي».
ورجح أن يتم تخفيض المستشارين والمدربين من الدول الأخرى في التحالف الدولي خلال الفترة المقبلة، لكنه أكد أن «الانسحاب لن يكون كاملاً بل تدريجياً وعلى نحو مرحلي».
وتابع: «التنسيق بين العراق وأمريكا وعدد من دول العالم خصوصا المنضمة في التحالف الدولي، مستمر لاستكمال بناء القدرات الأمنية العراقية، والإيفاء بمتطلبات الارتقاء بجاهزيتها بشكل كامل».
وشدد الحديثي على أن ما يجري هو «تخفيض وتقليل وليس انسحاباً كاملاً للقوات الأمريكية»، موضّحاً أن «من المنطقي أن يتم تخفيض أعداد المستشارين الأمريكيين بعد نهاية الصفحة العسكرية للقضاء على الإرهاب. الدعم العسكري يختلف عن الدعم الأمني من حيث المحتوى والمضمون».
انسحاب جزئي
وطبقاً للمصدر، فإن التنسيق سيبقى مستمراً بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية ودول «التحالف الدولي»، «لكن ليس بالصورة التي كان عليها في فترة الحرب ضد الإرهاب، باعتبار أن الأمر كان مرتبطا بالحرب، والآن انتهت هذه الحرب بصفحتها العسكرية».
وتأتي هذه الخطوة بعد أن أعلنت السلطات العراقية في كانون الأول/ ديسمبر 2017، انتهاء العمليات العسكرية وتحقيق «النصر الكامل» على التنظيم، الذي سيطر على أراضٍ واسعة من العراق في حزيران/ يونيو 2014.
وذكر مسؤول عراقي، أمس الإثنين، أن القوات الأمريكية بدأت خفض أعدادها في البلاد بعد إعلان السلطات العراقية «النصر النهائي» على تنظيم «الدولة».
وأكدت وكالة «أسوشيتد برس»، أن القوات الأمريكية بدأت بسحب جزء من قواتها من العراق، وذلك بعد نحو شهرين من إعلان رئيس الوزراء حيدر العبادي، هزيمة تنظيم «الدولة».
ونقلت الوكالة عن متعاقدين غربيين من داخل قاعدة «عين الأسد» في الأنبار (غرب العراق) قولهم، إن الجيش الأمريكي بدأ بنقل عشرات العسكريين والأسلحة والمعدات إلى أفغانستان، في رحلات يومية خلال الأسبوع الماضي.
مسؤولان في الحكومة العراقية، أوضحا كذلك، أن «التحالف الدولي والعراق توصلا إلى اتفاق لتخفيض حجم القوات الأمريكية المنتشرة في البلاد، للمرة الأولى منذ بدء الحرب ضد تنظيم الدولة في 2014، لكنهما لفتا إلى أن الاتفاق لم يدخل حيز التنفيذ بعد.
وكان مسؤول مقرب من العبادي، أشار في وقت سابق، إلى أن 60 ٪ من القوات الأمريكية الموجودة حاليا في البلاد ستسحب وفقا للاتفاق المبدئي الذي تم التوصل إليه مع الولايات المتحدة، حيث ستترك الخطة قوة قوامها حوالي أربعة آلاف جندي أمريكي لمواصلة تدريب الجيش العراقي.
ولم ينف «التحالف الدولي» أو يؤكد هذه الأنباء، حيث قال المتحدث باسمه الكولونيل رايان ديلون ل«أسوشيتد برس» في تعليقه على الأمر، إن استمرار تواجد قوات التحالف في العراق «سيكون معتمدا على الظروف، وسيتناسب مع الحاجة، وسيتم بالتنسيق مع الحكومة العراقية».
وأوضح اللفتنانت في الجيش الأمريكي، جون رايموند، من قاعدة عين الأسد، ان مهمة قواته تغيرت مؤخرا، وأضاف «سرعان ما سندعم مسرحا مختلفا للعمليات الشهر المقبل».
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون»، أعلنت في وقت سابق، أن عدد القوات الأمريكية المنتشرة في العراق بلغ 8992 جنديا في أواخر شهر أيلول/ سبتمبر الماضي.
مطلب كردي ببقاء القوات الأمريكية
في المقابل، قلل الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، من دقة أنباء انسحاب القوات الأمريكية من العراق، مؤكداً أنه يقف بالضد من سحبها.
وقال النائب عن الحزب ماجد شنكالي ل«القدس العربي»، إن «الجانب الأمريكي أعلن بأنه لن يكرر أخطاء الماضي، ولن يسحب قواته لحين استتباب الأمن والاستقرار في العراق»، موضّحاً «لا اعتقد أن يكون هناك تخفيض للقوات الأمريكية في العراق، بل على العكس من ذلك فإن أمريكا تريد ان تثبت وجودها بشكل اكبر». وأضاف: «إننا نطالب أيضاً ببقاء هذه القوات لحين إرساء الأمن والاستقرار في العراق، ومنع التدخلات الإقليمية في الشأن العراقي، بكون إن هذه التدخلات أضرت بالمجتمع العراقي».
ومع انتهاء العمليات العسكرية ضد «الدولة»، تتجه الحكومة العراقية إلى إعادة إعمار المدن المدمّرة بفعل الحرب ضد التنظيم، تمهيداً لعودة العائلات النازحة إلى مدنها.

m2pack.biz