إنهاء الحملة التركية «درع الفرات» في سوريا الأسباب والخيارات المستقبلية
الحسكة «القدس العربي»: مع إعلان تركيا الأربعاء انتهاء حملتها العسكرية في شمالي سوريا بدا واضحاً أن مرحلة توسعها الجغرافي تحت مسمى «درع الفرات» قد انتهى، فلا إمكانية للتوجه نحو مدينة منبج في ظل المعادلة الصعبة التي فرضتها القوى المتصارعة على الأرض، فكان وصول قوات النظام السوري إلى نقاط جغرافية على تماس مع مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، خطوة واضحة لقطع الطريق على «درع الفرات» نحو التوجه إلى منبج، بعدما ما تم إنشاء جدار فصل عسكري يهدف إلى خلق وقائع جغرافية بعزل منبج عن الطموحات التركية.
ويقول المحلل السياسي أسامة عمر ل«القدس العربي»، «ان الإعلان جاء على إنهاء اسم غرفة عمليات عسكرية فقط حيث أن المناطق التي لم يتم تحريرها من خلال العمليات العسكرية ستتم تسوية أوضاعها عبر القنوات السياسية والدبلوماسية وتشمل مدينة منبج والقرى التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية».
ويرى «أن تركيا من خلال إنهاء درع الفرات تتجه بذلك لوضع ثقلها في عملية تحرير الرقة ابتداءً من تل ابيض تحت مسمى جديد لغرفة عمليات عسكرية جديدة وهذا نجاح للدور التركي على عكس ما يشاع إعلامياً ولا يخفى على أحد أن هناك صراعاً تخوضه تركيا تتزايد أخطاره على أمنها القومي يوماً بعد يوم خاصة وأن هناك مرحلة جديدة من التنسيق بين الروس والأمريكان في هذه المنطقة بالتحديد ولكل طرف منهما حساباته».
وقال الناطق الرسمي باسم المجلس الأعلى للعشائر والقبائل العربية مضر حماد الأسعد، انه «عندما عقد الاجتماع الأول لتشكيل درع الفرات تم تحديد المناطق المراد تحريرها واتفق على الباب وجرابلس والراعي وما حولها لطرد تنظيم «الدولة» والاتحاد الديمقراطي byd منها، وحالياً استكملت تحرير هذه المناطق وبالتالي بعد نجاح العملية فمن الطبيعي إيقافها، وهذا الأمر يعرفه الذين ساهموا في تشكيل قوات درع الفرات».
وأكد «ل«القدس العربي»، «انه يجري حالياً تدريبات عسكرية لأبناء محافظات الرقة ودير الزور والحسكة بدعم تركي وبالتنسيق مع التحالف الدولي في أحد المراكز بهدف دخولهم إلى سوريا وتحرير مناطقهم على غرار عملية درع الفرات».
وحسب الأسعد فإن تركيا «تتعرض لضغوط كبيرة جداً بسبب دعها للجيش الحر وبنفس الوقت لفتحها جبهات متعددة ضد تنظيم الدولة ووحدات الحماية byd ونظام الاسد والميليشيات المدعومة من إيران، بينما الوجود العسكري الأمريكي والروسي له تأثير كبير على تواجد الجيش الحر وتركيا الذين يعرفون أن روسيا وأمريكا يستعملون حزب الاتحاد الديمقراطي لتنفيذ مشاريعهم وعندما تنتهي مصلحتهم سيتم التوقف عن دعمهم مثلما توقفت أمريكا عن دعم بعض الفصائل المعارضة».
أما الصحافي السوري المختص بالشؤون التركية عبو الحسو «فيرى ان الأسباب التي دفعت تركيا لاعلان انتهاء عملية درع الفرات كان أبرزها قرب الاستفتاء على التعديلات الدستورية في 16 نيسان/أبريل المقبل في محاولة لكسب الأصوات المعارضة لعملية درع الفرات، بالإضافة إلى تحقيق العملية أهدافها المعلنة وهي تطهير الشريط الحدودي من جرابلس حتى اعزاز من خطر تنظيم الدولة، وقطع الطريق على حزب الاتحاد الديمقراطي بتشكيل ممر يربط بين منطقة الجزيرة – روج آفا كما يسمونها – وبين عفرين وصولاً للبحر وتشكيل منطقة آمنة من الإرهاب والقصف وهذا ما تحقق عملياً».
وأضاف ل«القدس العربي»، «ان رئيس الوزراء التركي ترك الباب مفتوحاً أمام كل الخيارات حين قال بأنه إذا ما بدأت تركيا عملية عسكرية أخرى ضد «التنظيم» أو أي تهديد موجه لأمن البلاد ستكون عملية جديدة وتحت اسم آخر وباعتقادي بعد الاستفتاء على الدستور ستكون كل الاحتمالات واردة وقد تكون هناك مواجهة مباشرة بين تركيا والجيش الحر من طرف وبين قوات قسد المدعومة أمريكياً وروسياً». وأشار الحسو إلى أن «الدور التركي يمر في مرحلة جمود مؤقت بحكم قرب الاستفتاء على الدستور وعدم قيامها بأي تصعيد او حركة قد تؤثر على نتائج الاستفتاء سلباً، لكن بعد 16 نيسان/أبريل سيكون الدور التركي أكبر وأكثر فاعلية وقد يعيد النظر في كل حساباتها وتحالفاتها الحالية واتخاذ خطوات أكثر فاعلية وتأثير على مسار الأحداث سياسياً وعسكرياً». يذكر ان تركيا كانت قد شنت في آب/ أغسطس 2016 عملية «درع الفرات» في شمال سوريا من أجل أن تبعد عن حدودها الجنوبية كلاً من تنظيم «الدولة» و»قوات سوريا الديمقراطية» التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية المكون الرئيس فيها، حيث تمكنت فصائل المعارضة السورية المسلحة التي تدعمها تركيا في اطار هذه العملية من طرد تنظيم «الدولة» من مناطق عدة بينها جرابلس والراعي ودابق وأخيراً مدينة الباب.