النظام السوري يشترط على المحامين موافقته قبل السماح لهم بالسفر
دمشق «القدس العربي»: أصدرت نقابة المحامين السوريين في دمشق تعميماً اشترطت فيه على مجالس فروع النقابة في جميع المحافظات السورية، وكذلك أعضاء المؤتمر العام للنقابة، الحصول على موافقتها قبل السماح للمحامين بالسفر إلى خارج البلاد.
وطبقاً لتعميم صادر عن النقابة بطلب من القيادة القطرية، حصلت عليه «القدس العربي»، إنه على المحامين الراغبين بالسفر، تحديد الدولة المراد السفر إليها، ومن ثم ارسال كتاب بذلك لنقيب المحامين قبل أسبوعين من موعد السفر.
ومن خلال النظر في تفاصيل التعميم، يجد الحقوقي والناشط في حقوق الإنسان ميشال شماس، صعوبة في فهم الدوافع التي وقفت وراء إصدار هذا التعميم، الذي يشمل بموجبه المحامين السوريين الذين يزاولون عملهم في محاكم النظام.
وزيادة في الريبة، يوضح شماس في تصريحات ل«القدس العربي»، وهو عضو في «هيئة الدفاع عن المعتقلين»، أن «القيادة القطرية للحزب الحاكم في سوريا، لم تصدر مثل هكذا تعميم قبل العام 2011، أي قبل تعديل المادة الثامنة من الدستور السوري، التي تنص على أن حزب البعث هو القائد للدولة والمجتمع».
ولعل المؤسف حسب شماس، هو «انصياع نقيب المحامين في سوريا نزار إسكيف إلى رغبات القيادة القطرية، عبر تعميمه أوامرها على فروع النقابة في المحافظات السورية». وفي محاولة منه لتفسير مضمون التعميم قال شماس: «إن هذا القرار وحيثياته يصعب التكهن للغاية، وكذلك القراءة والوقوف على ما جاء فيه».
وبالرغم من استبعاده لوجود مخاوف لدى النظام تجاه بعض الأسماء المشمولين بالقرار، بسبب سهولة اعتقالهم من قبل الأجهزة الأمنية كما يعتقد أشار بريبة إلى أن الفقرة الأولى من التعميم أظهرت توجس القيادة القطرية من تكرار ظاهرة سفر بعض المحامين إلى خارج سوريا.
وربط شماس بين التعميم الأخير وبين تعميم صادر عن نقيب المحامين قبل أشهر من الآن، ينص على منع المحامين من الخوض في تفاصيل نشاطات النقابة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال جازماً: «بدون أدنى شك أن هذا التعميم، يهدف إلى حد حرية حركة المحامين، وكذلك وضعهم تحت الرقابة».
من جانب آخر، يرى في تعميم القيادة القطرية هذا، «تأكيداً منها بأن كل ما تم الحديث عنه من تعديل للمادة الثامنة من الدستور السوري، لا يعدو كونه دعاية فقط»، ويشدد «ما زال حزب البعث هو المتحكم بمفاصل الدولة السورية، ولم يتغير شيء إلا على الورق».
ويعتقد المحامي السوري المعارض، عروة سوسي، أن «نقيب المحامين في سوريا، نزار إسكيف، هو من يقف وراء صدور هذا التعميم». ويوضح سوسي، من مدينة جبلة، «أن إسكيف من أشد المسؤولين السوريين موالاة للنظام»، ويضيف قائلاً: «لقد أضر إسكيف بكثير من المحامين السوريين في الساحل السوري، وفي مدينة جبلة مسقط رأس إسكيف، في بداية الثورة السورية». ويتابع، إن «هذا التعميم يؤكد وبوضوح تخوف النظام من تسريب بعض المحامين لمعلومات تصور الجرائم والانتهاكات التي تشهدها المحاكم والسجون السورية»، على حد تعبيره.
وبين أيضاً «أن المحامي يمتلك كثيراً من المعلومات عن تعامل القضاة في المحاكم.
أما عن سريان التعميم، فأكد سوسي نقلاً عن مصدر في نقابة المحامين السوريين، أن التعميم يطبق الآن في جميع فروع النقابة، واستدرك «لكن لم يتقدم أحد من المحامين بطلب للسفر بعد». في المقابل، أشار محام سوري، طلب عدم الكشف عن اسمه، إلى أسباب «مالية ونقابية» وراء صدور التعميم، وقال المحامي الموجود في مدينة حلب ل«القدس العربي»: «يتحصل المحامون على تعويضات مالية من النقابة لطالما هم على رأس عملهم، ولذلك يحاول هذا التعميم حصر هذه النفقات المالية».
Share on Facebook