«اليسار الكبير» محاولة لتجميع القوى القومية والماركسية التونسية أم إمعان في تشتيتها؟

«اليسار الكبير».. محاولة لتجميع القوى القومية والماركسية التونسية أم إمعان في تشتيتها؟

«اليسار الكبير».. محاولة لتجميع القوى القومية والماركسية التونسية أم إمعان في تشتيتها؟

تونس – «القدس العربي»: أثارت إعادة طرح فكرة توحيد اليسار التونسي في تكتل سياسي جديد، جدلا كبيراً في تونس، حيث اعتبر بعضهم أنها محاولة ل «تشتيت» القوى اليسارية بدل تجميعها، فيما دعا آخرون إلى تطوير «الجبهة الشعبية» (أكبر تكتل يساري) عبر القيام بعدد من المراجعات من الداخل وتجاوز بعض الخلافات القائمة داخلها، مشككين بنجاح أية محاولة جديدة لتوحيد اليسار في البلاد.
وكان الوزير السابق عبيد البريكي أعلن مؤخرا مبادرة جديدة أعاد من خلالها طرح فكرة «اليسار الكبير» التي أعلنها القيادي الراحل شكري بلعيد قبل عدة سنوات وتهدف لتجميع القوى اليسارية (القومية والماركسية) في البلاد. وأشار البريكي إلى أن مشروعه الجديد لا يسعى لاستهداف «الجبهة الشعبية» التي شكلت أولى اللبنات الأساسية لمشروع بلعيد (اليسار الكبير) الذي لم يكتمل بسبب اغتياله عام 2013.
ويقول الباحث والمؤرخ د. عبد اللطيف الحنّاشي (رئيس المنتدى المغاربي للتنمية والديمقراطية) « ثمة جبهة موجودة حاليا (البجهة الشعبية) تضم أغلب القوى اليسارية في تونس كاليسار الماركسي المعروف في الساحة النقابية والسياسية وغيرها وكذلك جزء كبير من التيار القومي كالبعثيين والناصريين بمختلف مدارسهم، وثمة بعض القوى القوية والماركسية خارجها. والأستاذ عبيد البريكي كان جزءا من هذه الجبهة وهو أحد مؤسسي حزب «الوطنيين الديمقراطيين الموحّد» (الوطد) وكان رفيقا لصيقا للشهيد شكري بلعيد، وبالتالي من المفروض أن يكون جزءا من هذه الجبهة ويسعى إلى تطويرها من حيث برامجها ورؤيتها الفكرية وسلوكها السياسي، خاصة أنه يملك تجربة نقابية متميزة حيث كان قياديا نقابيا في اتحاد الشغل لدورتين ويملك علاقات واسعة».
ويضيف في تصريح خاص ل«القدس العربي»: «أؤكد مجددا أن البريكي كان بإمكانه أن يكون موجودا ضمن الجبهة الشعبية ليعطيها نَفَسًا جديدا، وهو قادر على هذا الأمر في إطار الجبهة، ولكن لا أعتقد أنه يستطيع ذلك خارجها، خاصة أن الطروحات التي قدمها تتفق مع ما تسعى إليه الجبهة، وبرغم المشاكل التي تعيشها الجبهة الشعبية الآن إلا أنه يمكن تطويرها من الداخل لا من الخارج، ولذلك هو (البريكي) إلى الآن لم يعلن رسميا مشروعه الجديد (برغم أنه حدد موعدا لذلك في منتصف تشرين/أكتوبر)، ثم إنه نسّق مع أسماء غير وازنة في الساحة السياسية، فباستثناء محمد الكيلاني (الأمين العام للحزب الاشتراكي) الذي يمتلك بدوره حزبا مشكلا من ثلاثة أحزاب (ائتلاف الميثاق) وهي أحزاب صغيرة، هناك شخصيتان نقابيتان وزنهما محدود، وبالتالي يفترض أن تكون هذه المبادرة داخل الجبهة بهدف تطويرها من خلال البريكي وغيره، كما ذكرت آنفا».
وكان أحمد الصدّيق أمين عام حزب «الطليعة « ورئيس كتلة «الجبهة الشعبية» قدم مؤخرا استقالته من رئاسة الكتلة وهو ما رده بعضهم إلى وجود خلافات جديدة داخل الجبهة ورغبة الصديق بمغادرتها للالتحاق بمبادرة البريكي، إلا أن الصديق تراجع لاحقا عن قرار الاستقالة، فيما نفى مراقبون إمكانية التحاقه بمشروع البريكي خاصة أنه انتقده بشدة مؤخرا، معتبرا أن «من يشارك في حكومة ويغادرها مطرودا لا يمكنه النجاح في تجميع اليسار التونسي».
ويرى سمير بن عمر رئيس الهيئة السياسية لحزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» أن مبادرة عبيد البريكي «تندرج في إطار تشتيت اليسار أكثر من محاولة جمعه»
ويضيف رياض الشعيبي رئيس حزب «البناء الوطني» ل»القدس العربي»: «المشكلة تكمن في أن اليسار التونسي لم يتطور من الداخل إلى حد الآن، فهو مازال حبيس قلاعه الأيديولوجية التقليدية، وبقاؤه في ذلك الموقع يمنعه من التطور والانفتاح سواء من الداخل لأنه يمارس نوعا من «الطهرية الأيديولوجية»، أو من الخارج لأنه يمارس نوعا من الإقصاء أو التجريم لكل من هو مخالف له، وبالتالي أية محاولة لتجميع اليسار من طرف عبيد البريكي أو غيره، أعتقد أنها غير واقعية ولا يمكن أن تفضي إلى نتيجة في الوقت الحالي».
وكان زهير المغزاوي الأمين العام لحركة «الشعب» (قومية ناصرية) اعتبر في وقت سابق أن الحوارات التي يقوم بها بعضهم (ومنهم البريكي) لتوحيد اليسار لم تنجح حتى الآن لأنها «لم تلامس المطلوب بل ما زال يطغى عليها نوع من الزعاماتية والبحث عن أدوار».
وأضاف «من حيث المبدأ، نحن مع تجميع القوى التي تؤمن بالثورة وباستكمال مهامها، وهذه القوى الوطنية والتقدمية عليها أخذ العبرة من انتخابات 2011 و2014 كي لا تتكرر المأساة ذاتها في الانتخابات المقبلة، وبالتالي هي مطالبة بتجميع نفسها على قاعدة برنامج وطني واضح».
Share on FacebookClick to share on TwitterClick to share on Google+

m2pack.biz