توسع «النصرة» في إدلب يضع تركيا أمام مأزق وتحديات خطيرة ويعيد سيناريو سيطرة «الدولة» على الحدود

توسع «النصرة» في إدلب يضع تركيا أمام مأزق وتحديات خطيرة ويعيد سيناريو سيطرة «الدولة» على الحدود

توسع «النصرة» في إدلب يضع تركيا أمام مأزق وتحديات خطيرة ويعيد سيناريو سيطرة «الدولة» على الحدود

إسطنبول «القدس العربي»: تعيد التطورات الأخيرة على الحدود التركية مع سوريا لا سيما عقب إحكام «هيئة تحرير الشام» جبهة النصرة سابقاً- سيطرتها على محافظة إدلب والمعبر الحدودي مع تركيا تعيد إلى الأذهان سيناريوهات سيطرة تنظيم الدولة على مناطق حدودية مع تركيا وما جلبه لها ذلك من اتهامات ب»التساهل مع الجهاديين» الأمر الذي أجبرها لاحقاً على الدخول في حرب مفتوحة ضد التنظيم.
وبينما بدأت وسائل الإعلام التركية بدق ناقوس الخطر وخرجت بعناوين من قبيل «تنظيم القاعدة يتمدد على حدودنا (الحدود التركية مع سوريا)»، تتوقع الأوساط السياسية في تركيا أن تبدأ جهات خارجية باستغلال الحدث من أجل شن حملات تحريض واتهامات لتركيا بالتساهل مع «الجهاديين» كما حصل إبان سيطرة تنظيم الدولة على جزء من الحدود.
وبالفعل بدأت بعض الوكالات العالمية بالحديث عن «سيطرة القاعدة على الحدود التركية»، لكن الأخطر بالنسبة لأنقرة تركيزها على سيطرة جبهة النصرة على معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، وقول وكالة الأنباء الفرنسية إن «جبهة النصرة تغذي تواجدها في إدلب مستفيدة من سيطرتها على معبرين حدوديين مع تركيا»، وما قد يفتح الباب أمام حملات مشابهة تعتبر استمرار فتح تركيا للمعبرين تغذية لتواجد التنظيم.
ويعتبر معبر «باب الهوى» الذي سيطر عليه التنظيم أبرز المعابر الحدودية بين تركيا ومناطق المعارضة في شمالي سوريا، ويستفيد منه مئات آلاف المدنيين السوريين في الداخل واللاجئين على الأراضي التركية في التنقل بين البلدين ونقل احتياجاتهم اليومية والإنسانية.
واستولت هيئة تحرير الشام خلال الأيام الماضية على سرمدا – أول بلدة بعد معبر باب الهوى ومركز تجاري هام في شمال إدلب – وخربة الجوز، موطن لمعبر ثان وأقل أهمية مع تركيا.
وتقع محافظة إدلب في شمال غرب سوريا وهي محاذية للحدود مع تركيا ويعد باب الهوى أهم معابرها الحدودية. وتحاذي أيضا كل من محافظة اللاذقية الساحلية التي تنحدر منها عائلة الأسد، ومحافظتي حلب وحماة.
وفي بداية الثورة السورية كانت تركيا تتجنب وصف جبهة النصرة بالإرهابية، ولكن مع التحولات التي شهدتها الأوضاع في سوريا والتغيرات الدولية، بدأن أنقرة تصف الجبهة ب»المنظمة الإرهابية» وطالبت العام الماضي بخروجها من حلب، ويتوقع مراقبون أن أنقرة لن يكون أمامها خيار الآن سوى دعم أي خطط دولة لإخراج مسلحي التنظيم أو القيام بعملية عسكرية ضد عناصره في محافظة إدلب.
وعلى الرغم من أن أنقرة تعلم جيداً أن أي مخطط لعملية عسكرية في إدلب بحجة جبهة النصرة سوف يستهدف إنهاء ما تبقى من المعارضة السورية سواء كانت متشددة أو معتدلة، إلا أنها لن يكون أمامها خيارات سوى دعم هذه المخططات وتحمل النتائج السلبية لهذه التحولات.
وعلى المدى القريب تفرض سيطرة جبهة النصرة على مناطق حدودية وخاصة معبر «باب الهوى» الحدودي تحديات كبيرة على أنقرة التي يمكن أن تلجأ إلى دعم عملية عسكرية للفصائل المدعومة منها لطرد التنظيم من محيط المعبر الحدودي أو حتى الاضطرار إلى إقحام الجيش التركي لتنفيذ عملية مباشرة ضد التنظيم في المناطق الحدودية.
ومع الحديث الذي جرى خلال الأسابيع الماضية عن اتفاقية مفترضة بين تركيا وروسيا من أجل سحب الأخيرة قواتها من مدينة عفرين وتمكين الجيش التركي من شن عملية عسكرية ضد الوحدات الكردية في المدينة الواقعة شمالي سوريا، تحدثت تسريبات أخرى عن استعداد الجيش التركي لإقامة قاعدة عسكرية كبيرة على أحد الجبال المحيطة بمدينة إدلب وذلك في إطار مشاركة الجيش التركي المتوقعة في مراقبة اتفاقية مناطق عدم الاشتباك، لكن مصادر أخرى قالت إن القاعدة ربما تكون بداية لمشاركة الجيش التركي في تدريب قوات سورية «معتدلة» والمشاركة في خطة لمهاجمة المسلحين المتشددين في إدلب، في إشارة إلى هيئة تحرير الشام (النصرة).
وكان الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن قال إن هناك تنسيقاً بين أنقرة وموسكو للعمل على آلية تقضي بوجود قوات روسية وتركية في منطقة إدلب السورية، فيما قالت صحيفة «حرييت» التركية إن الجيش التركي سوف يبدأ في إقامة قاعدة عسكرية كبيرة على قمة «جبل الشيخ حسن الراعي» في محيط إدلب.
وتخشى أطراف سياسية وعسكرية من المعارضة السورية من أن يؤدي توسع النصرة في إدلب ومحيطها إلى حصول الأسد على غطاء دولي من أجل مهاجمة المحافظة بحجة الحرب على الإرهاب، وإنهاء ما تبقى من الثورة السورية على حد تعبيرهم.
ويدعم هذه التخوفات القرار الأمريكي الأخير بوقف برنامج الاستخبارات الأمريكية لتمويل المعارضة السورية وتسليحها، ما يعني وقف واحد من أهم مصادر بقاء المعارضة المعتدلة التي تواجه النظام السوري وتهدف إلى إسقاطه.
وعلى الرغم من الحديث عن تسليم إدارة معبر «باب الهوى» لهيئة مدنية إلا أن تركيا تخشى أن يتم اتهامها بالتمويل غير المباشرة للتنظيم المتطرف إذا ما استمر عمل المعبر الذي يجلب عائدات تقترب من المليون دولار شهرياً وسوف يحصل عليها التنظيم بشكل غير مباشر، في المقابل سيخلف إغلاق المعبر مأساة إنسانية لمئات آلاف المستفيدين منه من السوريين.
هذه الخيارات الصعبة أمام تركيا ستجعل من القيام بعملية عسكرية مباشرة أو غير مباشرة ضد التنظيم في المناطق الحدودية وقرب المعبر باب الهوى- على الأقل خياراً مطروحاً بقوة في أروقة الحكومة والجيش التركي خلال الفترة المقبلة.
Share on FacebookClick to share on TwitterClick to share on Google+

m2pack.biz