توقعات أن تكون كلمة العاهل المغربي في الحسيمة وأن تنزع فتيل التوتر بين الدولة والمحتجين
الرباط – «القدس العربي» : بدأ العد العكسي لخطاب العرش، الذي ينتظره المغاربة داخل المغرب والخارج، المقرر نهاية تموز/ يوليو الجاري، على اعتبار أن كلمة العاهل المغربي، الملك محمد السادس، ستكون وسيلة لنزع فتيل التوتر الحاصل بين الدولة ومنطقة الريف، و لرفع الاحتقان و الضرب بيد من حديد على كل من كان السبب المباشر في تأجيج الأحداث، خاصة وأن هناك إحتمال إلقاء خطاب العرش من مدينة الحسيمة.
ويرى مراقبون، أن خطاب العرش هذه المرة، سيكون أقوى من خطاب 9 آذار/ مارس 2011 في ظل الحديث عن اللمسات الأخيرة للتقرير الذي طالب به الملك لتحديد المسؤوليات في تعثر مشاريع الحسيمة وأن المرحلة المقبلة لما بعد خطاب العرش ستعرف العديد من المتغيرات، خاصة في ما يتعلق بعلاقة الدولة بالمواطن وحاجياته اليومية، كما أن من المنتظر وبشكل قوي أن تكون هناك محاكمات وإقالات لمسؤولين كبار بالدولة.
وقال الأستاذ والباحث في علم الاجتماع، مصطفى المريزق: «إننا في انتظار خطاب العرش عام 2017، والموجه لكل المغاربة، والمتوقع أن يوجه لسكان الحسيمة على وجه الخصوص، من قبل العاهل المغربي، ونطمح أن يستخدم فيه الملك سلطاته، وأن يقوم بتعديل وزاري، أو أن تقدم الحكومة استقالتها، أو أن يكون هناك تعديل دستوري، استناداً إلى ما قام به العاهل المغربي، منذ أسابيع، حين قام بإصدار توجيهاته بمعاقبة من أخلّوا بالتزاماتهم أمامه من مسؤولي الحكومة، وبشكل خاص ما يخص مشروع «المنارة المتوسط»، وقام بحرمانهم من عطلاتهم».
و اعتبر المحلل السياسي حفيظ الزهري، أن «التطور الذي عرفته احتجاجات الحسيمة والغضبة الملكية ومطالبته بفتح تحقيق حول تحديد المسؤوليات في تأخر مشروع منارة المتوسط والحديث عن وجود التحقيق في مراحله الأخيرة سيجعل من خطاب العرش خطابا قويا أكثر من خطاب 9 آذار / مارس 2011». وأضاف الزهري، في تصريح صحافي: «إن خطاب العرش المرتقب قد يشهد استعراض نتائج التحقيق الذي من المنتظر سيعرف مفاجآت من العيار الثقيل قد تعصف بالعديد من المسؤولين الكبار بمختلف مراتبهم، وسيكون بمثابة خارطة الطريق وتأطير للمرحلة المقبلة من العلاقة بين الدولة والمواطن مع التركيز على ربط المسؤولية بالمحاسبة».
وأصدر الملك محمد السادس، تعليماته إلى وزيري الداخلية والمالية قصد قيام المفتشية العامة في الوزارتين بالتحقيق بشأن عدم تنفيذ المشاريع المبرمجة وتحديد المسؤوليات والاستماع إلى الكتّاب العامين في القطاعات المعنية إلى جانب مديري ورؤساء الأقسام المسؤولة عن الصفقات والمشاريع التي تمت برمجتها ما يعني غياب الوزراء عن التحقيق. وقال عبد السلام بوطيب، ئيس مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية و السلم إن «حدسي السياسي ينبؤني أن الانفراج و الفرج قريبن و أن العاهل المغربي، سيتدخل لانهاء هذا الملف و امتداداته، من أجل قطع الطريق على تجار الازمات، المحليون و الدوليون. و في اعتقادي يضيف بوطيب، إن هذا الإجراء من شأنه تجاور الاحتقان الراهن ، ويمنح الفرصة لتوظيف الذكاء الجماعي الذي لا يخجل من إعلان ضرورة مراجعة اختيارات اقتصادية واجتماعية وثقافية، ووضع أسس جديدة لإطلاق نموذج تنموي يحد من الإقصاء و التهميش ويحقق مزيداً من العدالة الاجتماعية». وسيكون هذا الخطاب، هو ثاني خطاب ملكي يلقيه محمد السادس، منذ اعتلائه العرش، حيث ألقى خطابا من منطقة الريف سنة 2004، بعد الزلزال المدمر الذي ضرب مدينة الحسيمة، الذي بلغت قوته 6.5 على مقياس ريختر وأسفر عن وفاة حوالي 800 قتيل ومئات من الجرحى من ساكنة الحسيمة والمناطق المجاورة لها في إمزورن وبني بوعياش وايت قمرة وغيرها من المناطق التي تعتبر اليوم مراكز الاحتجاج اليومي لمسيرات الحراك الريفي.
ودخلت العلاقة بين الريف والدولة عهداً جديداً، بعد تولي الملك محمد السادس الحكم، في سياسة جبر الضرر ورد الاعتبار لضحايا «سنوات الرصاص»، بتأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة، سنة 2004، كجهاز غير قضائي، في مجال تسوية ملفات ماضي وانتهاكات حقوق الإنسان، بحيث تقتصر مهمتها على البحث عن الحقيقة وتقييم الضرر. ويرى مراقبون، أن حادثة طحن محسن فكري، والحراك الشعبي الذي تلاها، ليست مجرد واقعة معزولة عن تاريخ المنطقة، وتعتبر مؤشراً على إخفاق جهود المصالحة والتقارب بين المخزن والريف التي انطلقت مع بداية تولي الملك محمد السادس الحكم.