خبير في الحركات الجهادية: مقاتلو تنظيم «الدولة» سيتجهون من الموصل إلى سوريا
نواكشوط «القدس العربي»: أجمع الخبراء الأمنيون التابعون للمجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا التي تضم خمس عشرة دولة أفريقية، حسب تصريحات لرئيس المجموعة ماسيل داسوزا، على «أن مقاتلي «داعش» سيضطرون للنزوح من مدينة الموصل العراقية عبر سوريا وليبيا نحو مدينة كيدال شمال مالي لاتخاذها مقراً لهم».
وأنهى داسوزا للتو زيارة لموريتانيا تدخل ضمن جولة له في دول المجموعة لتنسيق الجهود العسكرية والأمنية في مواجهة النزوح المتوقع ل»دواعش» الموصل نحو الساحل الإفريقي.
والتقى مطولا يوم الجمعة بالرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز الذي تتولى بلاده دوراً بارزاً في مجموعة دول الساحل الخمس حيث تدارس معه طرق التنسيق الأمني والعسكري بين مجموعة «الإكواس» ومجموعة دول الساحل حول نزوح عناصر تنظيم الدولة الإسلامية من الموصل الذي أكدته معلومات استخباراتية جمعت من مصادر عدة.
وأوضح ماسيل داسوزا رئيس لجنة المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا بعد خروجه من مقابلة الرئيس الموريتاني «أنه تدارس معه الرئيس الأوضاع في المنطقة وسبل حمايتها من احتمال نزوح للإرهابيين الذين هم الآن في حالة تجمع قصد الهروب من الموصل واتخاذ مدينة كيدال المالية وجهة لهم». وقال «بحثت مع الرئيس سبل التصدي بشكل سريع وفاعل لهذه المخاطر التي يستلزم أمن المنطقة التصدي لخطورتها على المنطقة برمتها وعلى الجوار الاقليمي على وجه الخصوص».
وأضاف «بحثت مع الرئيس في هذا السياق سبل التنسيق بين «الإيكواس» وموريتانيا وقوة الأمم المتحدة في الساحل وغيرها لمواجهة هذا النزوح، ونحن نستعد للمشاركة في حوار بين الإكواس والاتحاد الأوروبي سينظم في بروكسيل غدا الثلاثاء.
ومع أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا على ثقة تامة بتوقعها الخاص بنزوح «دواعش» الموصل نحو منطقة الساحل، فقد استبعد الإعلامي محمد محمود أبو المعالي الخبير في الحركات الجهادية الإسلامية هذا النزوح، مؤكداً في تدوينة تحليلية له أمس «أن هذا التوقع يوحي بأن مارسيل داسوزا يتعمد خلط الأوراق المحلية والإقليمية والدولية، لحاجة في نفسه، أو أنه هو ومستشاريه يجهلون جهلاً مركباً ميكانزمات الجماعات والتنظيمات الجهادية وتمفصلاتها وطبيعة علاقاتها البينية، كما يجهلون حقيقة الوضع في مالي شمالا ووسطا وجنوبا، أما الوضع في الموصل فحري بهم أن لا يميزوا أوله من آخره».
وأضاف «فالموصل اتخذ منها تنظيم الدولة الإسلامية عاصمة ل «خلافته»، ومن يقاتلون فيها اليوم هم قادة وعناصر ذلك التنظيم، وحين يضيق الخناق عليهم، ففي الأراضي السورية متسع لهم وامتدادات جغرافية وتنظيمية وفكرية واجتماعية، ترتبط بهم ببيعة وولاء ومعتقد فكري، أما الموجودون في منطقة شمال ووسط جمهورية مالي، فهم مجموعات مرتبطة في غالبها الأعم بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، والقاعدة في بلاد خراسان (القاعدة الأم)، ومعروف أن العلاقة بين القاعدة وفروعها، وبين تنظيم الدولة الإسلامية، تقوم على «المباهلة» والخصومة، والرفض المتبادل، ونفي الشرعية، حيث يصف تنظيم القاعدة غريمه «تنظيم الدولة الإسلامية» بالخوارج والغلاة والبغاة الذين أفسدوا الساحات وأبطلوا البيعات واستحلوا المحرمات، بينما يصف «تنظيم الدولة الإسلامية» قادة وعناصر القاعدة بأنهم مرجئة العصر وصحوات الردة، وبأنهم مثبطون مبَطئون، ويطلق عليهم تسمية «يهود الجهاد».
وتابع أبو توضيحاته قائلاً «أما الوجود القليل المحسوب على تنظيم الدولة الإسلامية في هذه المنطقة فهي «جماعة أبو الوليد الصحراوي» المعروفة باسم «جماعة الدولة الإسلامية في مالي» التي انشقت عن تنظيم «المرابطون» في مايو عام 2015، وهي تنشط أساسا في منطقة «غاوو الكبرى» و«منيكا» قرب الحدود مع النيجر و«اربنده» قرب الحدود مع بوركينافاسو، ولا وجود لها على الإطلاق في منطقة كيدال بأقصى الشمال الشرقي لإقليم أزواد بشمال مالي».
«لذا، يضيف الخبير، فإن الحديث عن لجوء «الخوارج» إلى أحضان «المرجئة» والاستعانة بهم، لا يتحدث عنه إلا من يجهل حقيقة العلاقة بين الطرفين، والتنافر الحاصل بين فهمهما «للرؤية الجهادية»، وتطبيقاتهما لذلك الفهم، وترتيبهما لأولوياته».
وبخصوص ليبيا التي تحدث عنها مارسيل داسوزا كمحطة محتملة «للإرهابيين» القادمين من الموصل والمتجهين إلى كيدال، فقد أكد الخبير أبو المعالي «أن الوضع فيها لم يعد كما كان سابقاً، يوفر تلك البحبوحة الآمنة لعناصر «تنظيم الدولة الإسلامية» وقادتها، خلافاً لما كان عليه الوضع قبل سنوات، إذ من المعلوم أن «تنظيم الدولة الإسلامية» فقد معقله الرئيس في مدينة» سرت» بعد طرده منها على يد قوات «البنيان المرصوص» التابعة لحكومة الوفاق الوطني الليبية، وتم إخراجه قبل ذلك من مدينة «درنة» في الشرق الليبي على يد مقاتلي «مجلس شورى مجاهدي درنة وضواحيها» (وهم مقاتلون إسلاميون)، وتحول وجوده في ليبيا إلى مجموعات متنقلة غير مستقرة، لذلك يبقى مستبعداً أن يلجأ قادة التنظيم وعناصره من الموصل إلى ليبيا في هذه المرحلة بالتحديد».
وعلق الخبير أبو المعالي على تحديد رئيس مجموعة «الإكواس» لمدينة كيدال كبؤرة محتملة يأوي إليها «المتشددون» الهاربون من الموصل، فأوضح «أن قادة دول غرب إفريقيا المشاركين في قوات «المنيسما» يعلمون جيداً أن الجماعات التي تصنف «إرهابية»، تنشط في عموم شمال ووسط مالي بل وفي جنوبها، دون أن يكون ذلك حصراً على منطقة كيدال، كما أن نشاطها في منطقة كيدال ليس بأشرس ولا أكثر دموية وعنفاً، من نشاطها في مناطق موبتي وسيكو وحتى سيكاسو وخاي وسائر الوسط والجنوب المالي، ولا في مناطق غاوو ومنيكا وتمبكتو وتاودني وغيرها من مناطق الشمال».
وهنا تساءل أبو قائلاً «لماذا اختار رئيس «الإيكواس»، مدينة كيدال دون غيرها من المناطق الساخنة في مالي؟ قبل أن يجيب بقوله «أعتقد أن تحديد كيدال كملجأ محتمل لجهاديي الموصل لم يكن بريئًا ولا عفويًا، فكيدال تبقى مشبوهة لأنها ما تزال خارج السيطرة الصورية للإدارة المالية، رغم انتشار القوات الفرنسية والدولية فيها، ومن هنا استحقت التحريض ضدها وتسجيل اسمها لدى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا وحلفائها، كمنطقة مشبوهة تشكل خطراً على السلم في المنطقة والمجتمع الدولي».