شكوى حقوقية للتحقيق في بيع شركة فرنسية أجهزة تنصت لمصر

شكوى حقوقية للتحقيق في بيع شركة فرنسية أجهزة تنصت لمصر

شكوى حقوقية للتحقيق في بيع شركة فرنسية أجهزة تنصت لمصر

القاهرة «القدس العربي»: قدمت «الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان» و«الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان» بالتعاون مع مركز «القاهرة لدراسات حقوق الإنسان»، أمس الخميس، شكوى جنائية حول التورط المحتمل للشركة الفرنسية «أميسيس»، التي أعيدت تسميتها باسم «نيكسا تكنولوجي»، في أعمال قمع واسعة النطاق في ظل نظام حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر، وذلك من خلال صفقات بيع تكنولوجيا التجسس للحكومة المصرية.
وطالبت الشكوى المقدمة للوحدة المتخصصة في الجرائم ضد الإنسانية في مكتب المدعي العام، بفتح تحقيق جنائي عاجل في اتهام الشركة بالتواطؤ في التعذيب والاختفاء القسري في مصر، في ضوء المعلومات التي نشرتها صحيفة «تلي راما»، والتي تستتبع المعلومات المتوفرة لدى سلطات التحقيق الفرنسية بشأن بيع تكنولوجيا التجسس نفسها إلى ليبيا في عهد الرئيس الراحل معمر القذافي.
وكانت صحيفة «تلي راما»، قد كشفت في 5 يوليو/تموز 2017، أن شركة «أميسيس» الفرنسية غيرت اسمها، وأخفت أسماء بعض المساهمين فيها، لضمان إتمام صفقتها ببيع خدماتها للسلطات المصرية، في ظل صمت الدولة الفرنسية، وقد استضافت الفدرالية الدولية في مقرها الرئيسي في باريس مؤتمرًا صحافيًا للصحافي الذي نشر ووثق تلك المعلومات «أوليفييه تيسكيت».
وقالت المنظمات الثلاث، بناءً على ما ذكر، قدمت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان وشركاؤها شكوى أمام الوحدة المختصة بالجرائم ضد الإنسانية في مكتب المدعي العام في باريس، للمطالبة بفتح تحقيق جنائي عاجل حول تواطؤ الشركة الفرنسية في التعذيب والاختفاء القسري في مصر.
وحسب بيان صادر عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، فإن «هذه الشكوى ليست الأولى من نوعها ضد هذه الشركة، فقد سبق وقدمت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان شكواها ضد الشركة نفسها في 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2011، بناء على ما كشفته صحيفة «وول ستريت» الأمريكية وموقع «ويكيليكس» حول صفقاتها المشبوهة في ليبيا».
وأضاف البيان أن «في عام 2013، نظمت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان مؤتمرا استضافت فيه ضحايا ليبيين من عهد نظام القذافي، للإدلاء بشهادتهم أمام قضاة التحقيق، بشأن كيفية تعقبهم واعتقالهم وتعذيبهم في ليبيا».
وفي أيار/ مايو 2017، تم سؤال شركة «آميسيس» رسميا على سبيل الاستدلال للاشتباه في تواطئها في التعذيب المرتكب في ليبيا بين أعوام 2007 و 2011.
وفي هذا السياق قال باتريك بودوان المحامي في الفدرالية الدولية ورئيسها الشرفي، على الرغم من مباشرة السلطات القضائية في فرنسا التحقيق في جرائم هذه الشركة، قرر المديرون السابقون لشركة أميسيس الاستمرار في بيع تقنيات التجسس الخاصة بهم لمزيد من الأنظمة القمعية»، معتبراً أن «حان الوقت لتحرك فعال من نظام العدالة الفرنسي كي يوقف هذه الأنشطة الإجرامية».
وأضاف: أن التحقيقات الجنائية وحدها لن تجدي طالما لم تتوافر لدى السلطات الفرنسية رغبة سياسية حقيقية لوقف هذه الجرائم، إذ كان يجدر بها أن تمنع تصدير هذه التقنيات لمصر، في وقت كان جليا للعالم أن القمع في مصر يجري على قدم وساق منذ لحظة تولي المشير عبد الفتاح السيسي لمقاليد الحكم».
أما رئيس الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان، ميشيل توبيانا، فقال: «بينما اكتفى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بحفاوة الترحيب بنظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، ما زلنا نشعر بالذهول إزاء موقف الحكومات الفرنسية المتعاقبة التي شجعت بيع الأسلحة إلى نظام يتجه مباشرة إلى الاستبداد، وتغاضت عن بيع المعدات التي تسهل مراقبة واعتقال المعارضة والمجتمع المدني في مصر».
مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بهي الدين حسن، اعتبر أن «فتح تحقيق جنائي في فرنسا حول تلك الممارسات ربما يوصل لنظام العدالة الفرنسي أصوات عشرات الألوف من السجناء السياسيين المحتجزين في مصر، ومئات المختفين قسريا، وضحايا التعذيب المنهجي، على يد قوات الجيش والشرطة، وغيرهم من ضحايا النظام القضائي المصري الذي بات يسيطر عليه كاملا الرئيس عبد الفتاح السيسي والذي أصبح أحد أدوات النظام في قمع معارضيه».
يشار إلى أن بيع المنظومة الرقابية لمصر بدأ في آذار/مارس 2014، تحت حكم عبد الفتاح السيسي، ويرجح أن يكون قد حصل على «موافقة صامتة» أي ضمنية من السلطات الفرنسية، وهو ما يرى فيه العديد فضيحة مدوية.
ولم يعلن حتى الآن عن قيمة الصفقة ومحتواها، لكن من جهة أخرى، وحسب تفاصيل العقد الذي استطاعت مجلة «تلي راما» الاطلاع عليه، فإن الأجهزة التي زودت مصر بها تهدف إلى «توفير خدمات تمكن من اعتراض نظام الملكية الفكرية من أجل مكافحة الأنشطة الإرهابية أو غيرها من الأنشطة الإجرامية الرقمية».
وفي تصريحات صحافية سابقة، قال المنسق العام لمنظمة «فرونت لاين ديفندرز» الحقوقية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وعضو مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، معتز الفجيري، إن «استيراد الحكومة المصرية لأدوات جديدة للمراقبة يؤكد أنها لديها تخوفات من إمكانية اندلاع مظاهرات ضد النظام، خاصة في ظل الإجراءات الاقتصادية المجحفة من جانب الحكومة المصرية والتي تسببت في انخفاض شعبية السيسي، إضافة إلى زيادة السخط الشعبي».

m2pack.biz