غليان في مناطق المغرب الجنوبية بسبب ندرة المياه الصالحة للشرب وتخوفات من شبح الجفاف بسبب تأخر الأمطار
الرباط – «القدس العربي»: لا حديث في المغرب اليوم إلا عن تأخر هطل الأمطار، ما دفع عددا من المغاربة إلى التساؤل، عمّا إذا كانت البلاد مقبلة على موجة من الجفاف. ويأتي ذلك في الوقت الذي تعيش فيه بعض المناطق في المغرب غليانا، بسبب مشكلة ندرة المياه الصالحة للشرب، التي انطلقت أولى شرارتها من زاكورة جنوب المغرب.
ويقر مسؤول التواصل في مديرية الأرصاد الجوية في المغرب، الحسين بوعابد، أن هناك تأخرا للأمطار بالفعل. وأرجع ذلك التأخر، إلى أسباب ديناميكية على مستوى سطح البحر، نظرا إلى أن المرتفع الآزوري، منطقة للضغط، ظلت نحو شهر فوق الساحل الأطلسي، الأمر الذي يحول دون تسرب التساقطات نحو جنوب أوروبا وشمال أفريقيا.
وبوعياد أن « الأوضاع يمكن أن تتغير إذا ما جاءت كتل هوائية باردة من الشمال، والتي من الممكن أن تفتح المجال لسحب محملة بالأمطار».
ومرت ثلاثة أشهر على انتهاء فصل الصيف، من دون هطل للأمطار، الأمر الذي أصبح ينذر بشبح الجفاف، وسارعت الدولة إلى مواجهته بتقنية الاستمطار، حيث كشف بوعياد، عن أنه تم تلقيح السحب بمواد كيميائية، لإسقاط المطر في العديد من المناطق المغربية. وأوضح، أن تقنية الاستمطار التي لجأت إليها المديرية، تدخل في إطار «برنامج الغيث» بمبادرة من الملك الراحل الحسن الثاني، سنة 1984 بعد توالي سنوات الجفاف، وذلك من أجل زيادة قدرة السحب على إنتاج التساقطات المطرية والثلجية عن طريق تلقيحها اصطناعيا.
وتعيش الحكومة المغربية حالة استنفار، بسبب تأخر الأمطار، بعدما كشف تقرير صادر عن منظمة التغذية العالمية، عن أن شبح الجفاف وضع المغرب في مقدمة الدول الباحثة عن الشعير في الأسواق العالمية، إذ تمكنت الحكومة المغربية، من انتزاع وعد من روسيا بتخفيض رسومه. ووضع التقرير، المغرب في خانة الدول ذات الطلبات المستعجلة للتزود بالمادة التي تعتبر غذاء مزدوج الاستعمال.
وتجلى تأثير تأخر هطل الأمطار، بشكل كبير ومباشر على أثمان الخُضَر والفواكه في الأسواق، حيث يشتكي المواطنون من هذا الارتفاع بسبب تأخر الأمطار لهذه السنة، مؤكدين أن الباعة أصبحوا يكتفون بشراء صندوق واحد فقط من الخُضَر، كما أن الزبائن أصبحوا يقتصرون على شراء كيلو واحد لنوع واحد من الخُضَر بسبب الغلاء. كما سيكون لهذا التأخر، تأثير في بعض الفلاحات المنتشرة في المناطق البورية مثل زراعة البطاطس أو البصل. كما أن الزراعات الخريفية ستشهد خسائر كبرى خاصة في ظل ارتفاع مصاريف السقي بالتنقيط و الأسمدة والمبيدات.
وباعتبار أن ثلاثة أرباع الساكن في العالم القروي في المغرب دخلها من الفلاحة. فقد عبر حسن الرجواني، أحد المزارعين بإقليم « ابن سليمان»، عن قلقه من تأخر الأمطار قائلا إن ذلك سيتسبب في تأخير عملية الحرث وسينعكس سلبا على البذور، كما سيؤدي إلى ارتفاع مصاريف وتكلفة السقي، إذ سيضطر الفلاح إلى السقي من الآبار وهو ما يتطلب تكاليف مرتفعة، ثم إنه يؤدي إلى ارتفاع أثمان أعلاف الماشية.
وأشار في اتصال مع «القدس العربي» إلى أن زراعة الحبوب في المغرب هي زراعة خريفية وأن التساقطات في كل من شهر تشرين الأول / أكتوبر و تشرين الثاني/ نوفمبر و كانون الأول / ديسمبر، يكون التعويل عليها كبيرا، معتبرا أنه كلما ارتفعت فيها التساقطات، كلما ارتفع فيها المحصول الزراعي.
ويشار إلى أن المجال الفلاحي المغربي، الذي يشهد انتشارًا كبيرًا لصغار المزارعين ممّن لا يتوّفرون على التقنيات الحديثة، لا يعاني فقط من عدم انتظار التساقطات أو قلتها في سنوات كثيرة، فالموارد المائية التي تصل إلى 18 مليار ملم مكعب للسطحية و4 مليار متر مكعب للجوفية، تعاني من توزيع عدم متلائم (تتركز في الشمال الغربي)، كما أنها محدودة وتشهد طلبًا متزايدًا وتتأثر بالتغيّرات المناخية.
وأعلن المغرب سنة 2016 «عام الجفاف» حيث قدرت خلال الأربعة أشهر الأولى نسبة الخصاص في المطر ب47 من مئة، كما توقعت المندوبية السامية للتخطيط، وهي مؤسسة رسمية، انخفاض نمو اقتصاد البلاد خلال الربع الأول من العام الجاري بنحو النصف عن نسبة العام الماضي (2 ٪ مقابل 4,1) بسبب الجفاف.