قبيل 6 أيام من الاستفتاء… لماذا ستحسم مدينة اسطنبول نتائج الانتخابات التركية؟
إسطنبول «القدس العربي»: تكتسب مدينة اسطنبول أهمية تاريخية استثنائية في الانتخابات التركية كونها أكبر المدن من حيث عدد السكان وتتميز بتركيبة مُعقدة تجعل منها «تركيا مُصغرة» تعطي مؤشراً حاسماً على الفائز في الانتخابات العامة، فمن يفوز في إسطنبول يفوز في الانتخابات التركية العامة.
وحسب آخر الأرقام الصادرة عن هيئة الإحصاء التركية، فإن عدد سكان البلاد بلغ مع نهاية العام الماضي 79 مليوناً و814 ألفاً و871 نسمة، يعيش منهم في مدينة اسطنبول لوحدها 14 مليوناً و804 آلاف و116 شخصاً، أي ما يعادل 18.5٪ من مجموع عدد سكان البلاد. لكن الأرقام غير الرسمية تقول إن سكان سادس أكثر مدن العالم ازدحاماً أكثر من ذلك بكثير.
وحسب تقديرات غير رسمية فإن اسطنبول تحتوي على قرابة 22٪ من أكثر من 50 مليون من الذين يحق لهم التصويت في الاستفتاء المقرر إجراءه الأحد المقبل على حزمة تعديلات دستورية مثيرة للجدل تتيح تحويل نظام الحكم في البلاد من «برلماني» إلى «رئاسي».
ومنذ سنوات طويلة، يتمكن الحزب الذي يحصل على أعلى أصوات في مدينة اسطنبول على أعلى نسبة أصوات في عموم البلاد، وذلك بسبب كونها أكبر المدن التي تحتوي على أعداد الناخبين بالإضافة إلى أنها تتمتع بتمثيل حقيقي لجميع الأحزاب والتوجهات السياسية والعقائدية والفكرية تجعل منها ممثلاً للشارع التركي بشكل عام.
وتضم اسطنبول أحياء غنية وراقية ك«بيشيكتاش» و«بي أوغلو» تشتهر بمعارضتها لأردوغان، ومناطق يغلب عليها الإلتزام الديني تؤيد أردوغان بشدة وأبرزها «الفاتح» و»بشاك شهير»، وما زالت تغص أطراف إسطنبول بالقرى الفقيرة المؤيدة له، والعديد من الأحياء المختلطة التي تشكل في مجملها نموذجاً مصغراً عن الشعب التركي وتوجهاته السياسية.
وتولي جميع الأحزاب أهمية خاصة لمدينة اسطنبول التي تقوم فيها بالكم الأكبر من حملاتها الانتخابية، وقبيل 6 أيام فقط على الاستفتاء تشتد المنافسة بين مؤيدي التصويت ب»نعم» والمعارضين، ويرتفع مستوى الاحتقان بشكل كبير.
وفي ميادين اسطنبول الرئيسية تنتشر على نطاق واسع منصات الدعاية التابعة للمؤيدين والمعارضين للاستفتاء مع بروز أكبر للحملات المؤيدة للرئيس أردوغان بسبب الإمكانيات الهائلة التي يمتلكها الحزب الحاكم، بحسب المعارضة، ويوزع مئات الشبان منشورات ويقومون بعمليات إقناع للناخبين وتنتشر عشرات آلاف الصور الضخمة في أرجاء المدينة، كما تبرز الحملات المعارضة التي يقودها حزب الشعوب الديمقراطي الكردي والذي يحث الناس على أنغام الأغاني الكردية بالتصويت ب«لا» لعدم جر البلاد إلى «نظام ديكتاتوري» على حد تعبيرهم. وحتى اليوم، لا يشعر حزب العدالة والتنمية الحاكم والمدعوم من قبل حزب الحركة القومية بأي مؤشرات حاسمه تجعله متأكداً من قدرته على حسم التصويت ب«نعم» في الاستفتاء، وهو نفس الوضع الذي تعيشه المعارضة التي يتزعمها حزب الشعب الجمهوري الذي زاد الضغط عليه مع الاستطلاعات التي تقوم إن حظوظ التصويت ب»نعم» قد ارتفعت خلال الأيام الأخيرة مع تكثيف أردوغان لحملاته الانتخابية التي ترافقت مع الأزمة مع الاتحاد الأوروبي ما أعطاه زخماً وتأييداً شعبياً أوسع من السابق.
والأحد دخل حظر جزئي للدعاية الانتخابية حيّز التنفيذ، وحسب قرارات لجنة الانتخابات العليا التركية، فإنّ «الأحزاب السياسية لن تتمكن من توجيه رسائل نصية أو مشاهد مصورة إلى البريد الإلكتروني والهواتف المحمولة للمواطنين»، كما يحظر على الأحزاب السياسية استخدام وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، لنشر نتائج استطلاعات الرأي وتوقعات وأبحاث يمكن أن تؤثر على رأي الناخب.
والسبت، نظم حزب العدالة والتنمية مهرجانه الأضخم في اسطنبول بمشاركة مئات آلاف المؤيدين الذي خاطبهم أردوغان بحماس كبير وسعى بقوة لكسب أصواتهم بتأكيده على أنه من مواليد اسطنبول ويفتخر بكونه عاش في هذه المدينة وقدم لها الخدمات خلال رئاسته لبلديتها.
وخاطب أردوغان ورئيس وزراءه بن علي يلدريم الحشد الغفير بلغة قومية إسلامية، مذكراً بافتخاره بتضحيات المدينة ليلة محاولة الانقلاب ومكانة المدينة التاريخية، وقال إنه سيواصل العمل من أجل إقامة المشاريع التاريخية لخدمة سكانها وذلك على غرار الجسور والأنفاق أسفل وأعلى مضيق البوسفور ومطار اسطنبول الثالث وقناة اسطنبول، ولم ينس مطالبة مؤيديه بأن يكون يوم الاستفتاء «موعداً لتوجيه صفعه لأوروبا». وبدأ أردوغان حياته السياسية الفعلية عندما تولي عام 1994 منصب رئيس بلدية إسطنبول وتمكن من إنجاز الكثير من الخدمات البلدية التي أكسبته تعاطفاً كبيراً من قبل الشعب التركي وساعده في إيصال حزب العدالة والتنمية إلى الحكم لأول مرة في عام 2002 حيث ما زال الحزب يتفرد بحكم البلاد من ذلك التاريخ.
Share on Facebook