كيف سينعكس فوز ماكرون برئاسة فرنسا على الأزمة المستمرة في ليبيا؟

كيف سينعكس فوز ماكرون برئاسة فرنسا على الأزمة المستمرة في ليبيا؟

كيف سينعكس فوز ماكرون برئاسة فرنسا على الأزمة المستمرة في ليبيا؟

تونس «القدس العربي» من حسن سلمان: يثير انتخاب إيمانويل ماكرون رئيساً جديداً لفرنسا الكثير من الأسئلة حول السياسة الخارجية التي سيتبعها الرئيس الجديد وخاصة في ما يتعلق بالعلاقة مع دول شمال افريقيا وخصوصا ليبيا التي تثير الأزمة المستمرة فيها منذ ست سنوات قلقاً أوروبياً متزايداً، سواء في ما يتعلق بظاهرة الهجرة غير الشرعية والتي تعد ليبيا أحد أبرز البلدان «المصدّرة» لها، أو تنامي الفوضى والإرهاب في هذا البلد.
وكان ماكرون عبّر في وقت سابق عن رفضه إقامة مخيمات للاجئين في ليبيا، كما أكد مراراً عزمه التصدي لشبكات تهريب البشر في منطقة شمال أفريقيا والصحراء، فضلا عن توقيع اتفاقات ثنائية «أكثر إنسانية» حول الهجرة غير الشرعية، وهو يحاول دوماً التذكير بأن أكثر من عشرة في المئة من الفرنسيين يتحدرون من أصول مغاربية، ما قد يدفع الرئيس الفرنسي الشاب إلى اتخاذ سياسات قد تبدو «مغايرة» أو متباينة نوعا ما مع أسلافه تجاه القارة الإفريقية عموما وشمال افريقيا بشكل خاص، وهو الذي زار الجزائر قبل أشهر ووصف الاستعمار الفرنسي السابق لها بأنه «جريمة ضد الإنسانية»، ولو أن الأمر حينها كان يندرج في إطار حملته الانتخابية للوصول إلى قصر «الإليزيه»، ما يعني أن ماكرون قد يعدّل تصريحاته ومواقفه لاحقاً وفق مصالح بلاده في هذه المنطقة.
وتتباين مواقف الباحثين والمحللين الليبيين حول سياسة ساكن «الإليزيه» الجديد تجاه بلادهم، فثمة من يرى أن ماكرون سيتعامل بشكل أكثر إيجابية تجاه الأزمة القائمة في ليبيا عبر محاولة إيجاد حلول ترضي جميع الأطراف، ومن يرى بالمقابل أن ماكرون لا يمتلك مشروعا سياسيا واضحا وبالتالي فإن سياسته تجاه ليبيا لن تختلف كثيرا عمن سبقه.
ويرى المحلل السياسي محمد علي المبروك أن شخصية ماكرون «تتميز بأنها شخصية مدبرِّة تستطيع الوصول لأهدافها بسهولة، فهو يسعى لتحقيق أهدافه (الوطنية او الشخصية المشروعة) من دون ان يستجيب لتوقعات الآخرين وهذا ما ستثبته الايام لاحقاً، وهو يتمتع عموماً بشخصية متوازنة معتدلة».
ويضيف ل«القدس العربي»: «ماكرون سيحقق ما تطمح اليه فرنسا في ليبيا، واذا اقتنع ذاتياً بدعمه للجنرال خليفة حفتر فإنه سيدعمه ولن ينظر الى أي موانع أو دعوات سياسية رافضة لهذا الدعم، واعتقد ان دوره في ليبيا سيكون إيجابيا، لو لم ينشغل في امور اخرى. والمرجح بان ماكرون سيقدم الدعم الانساني بصورة فُضلى، واعتقد بان فرنسا سيكون لها دور مهم في مكافحة الهجرة غير الشرعية عبر التعاون مع دول شمال افريقيا».
فيما ترى الباحثة نجوى بن شتوان أن الضجة التي أحدثها فوز ماكرون «تستمد قوتها من إسقاطه لخصم قوي هي مارين لوبان (زعيمة التيار اليميني المتطرف) التي يرغب أغلب الفرنسيين بعدم فوزها، وليس لامتلاكه مشروعا سياسيا قويا وواضحا وهاما لفرنسا في الداخل والخارج، وبالتالي لا أعتقد أن تتغير سياسة فرنسا سواء تجاه ليبيا أو داخل الاتحاد الأوروبي وفي الأمم المتحدة، فهي مرت برئيسين قبل ماكرون ولم تتغير سياستها تجاه ليبيا، حيث ما زالت تدعم جميع الأطراف المتصارعة بالسر والعلم، وهي لا تختلف بمواقفها إجمالا عما تعودنا عليه من الغرب».
وتضيف ل«القدس العربي»: «أمام الرئيس الشاب مشاكل داخلية شاقة تحتاج إلى حل، مثل العنصرية والتفاوت الطبقي وغياب العدالة الاجتماعية والفوارق الاقتصادية وخلل التوظيف وتفاقم البطالة والتطرف، وهذه المشاكل التي تعاني منها فرنسا في الداخل هي التي تشكل التحدي الأول والأهم لماكرون. وبالنسبة لليبيا فموقف فرنسا منها سيكون منسجما مع موقف الاتحاد الاوروبي عموما، وخاصة أن ماكرون مؤيد لبقاء بلاده داخل الاتحاد».
فيما ترى الكاتبة والإعلامية ليلى المغربي أن «السياسة الفرنسية الخارجية دعمت المشير حفتر، وأعتقد أن استمرار دعمها ومداه في ظل ما شهدناه مؤخراً من لقاء جمع بين المشير حفتر والسراج رئيس المجلس الرئاسي بوساطة الامارات التي تسخر جهودها لحلحلة الأمور العالقة وأستكمال تنفيذ اتفاق الصخيرات، قد يبدو ايجابيا الى حد ما، لكن التخوف من بقية الأطراف التي قد ترى في تقوية المشير حفتر خطراً يتهددها وهو ما يعد أمراً سلبياً وقد يزيد من تعنت جميع الاطراف».
وتضيف: «كما أن موقف ايطاليا الداعم للطرف السياسي في طرابلس (حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج) سيزيد من استمرارية الوضع الراهن، الا في حال تقديم تنازلات من جميع الاطراف، واما بخصوص ملف الهجرة غير الشرعية فاقتراح ماكرون سيلقى ترحيبا من عدة اطراف، وقد يساهم في خلق توازن لمواقفه بالتعامل مع جميع الاطراف».
ويرى المراقبون أن وصول ماكرون إلى الإليزيه يدعم التوجهات الألمانية بإرساء دعائم تحرك أوروبي أكثر مصداقية لاحتواء مسببات الهجرة من أفريقيا عبر تحفيز التنمية والتصدي للإرهاب، وخاصة أن الرئيس الشاب أكد في وقت سابق أنه سيبحث مع شركائه الأوروبيين ودول الجوار الليبي دعم المؤسسات الليبية لمحاربة التنظيمات الإرهابية وإعادة الهدوء والاستقرار لهذا البلد.

m2pack.biz