المجاز الأبوي؟ 1من اصل2
لماذا المجاز الأبوي؟ تتكون العلاقة بين الطفل والأم، كما ذكرنا سابقًا، على قاعدة تبادل المراسيل. فالطفل يتلقى العناية الكاملة من الأم من إكفاء حاجته، ولكن ما بعد هذا الإكفاء فطلبه هو طلب حب كما ذكرنا. وبالمقابل يتلقى الطفل مرسالًا من الأم، يؤوله بأن إكفاءه ينجم عن الاكتمال الحاصل عنده، كونه يؤدي غايته في تكامل هذه العلاقة، بحيث إن الأول يملأ نقصان الآخر. من هذه القاعدة يدخل الأب كعنصر ثالث، ليقلب المفاهيم، ويحول العلاقة بين الطفل والأم من ثنائية إلى ثلاثية. له دوره وتأثير على مسار نمو الطفل، وإدخاله في المرحلة الأوديبية. ودور هذا الأب لا يقتصر على وجوده، إذ من الممكن أن تحصل حالة الأوديب في حال غيابه، كما أن العكس صحيح. فوجود أب متشدد، وصارم، ومانع لكل شيء، قد يؤدي إلى إلغائه بحكم النفي الحاصل لوجوده، نظرًا لانعدام اعترافه برغبة الطفل وباستقطاب الأم نحوه. وهذا ما يحصل في حالة الذهان.
يستنتج من هذه المقدمة أن العمل المؤثر في هذه المرحلة ليس وجود الأب أو غيابه الفعلي، إنما اسم الأب ووزنه في العلاقة مع الأم وعبرها بالنسبة للطفل. فغيابه في رغبة الأم يؤدي إلى إلغاء دوره، وبالنتيجة إلى عدم اكتمال المرحلة الأوديبية. أما حضوره فيخلق بالضرورة طرفًا ثالثًا في العلاقة، يصبح مرجعًا للطفل يستطلع منه مخرجًا بعد أن يضع جدًا للعلاقة الثنائية. فمن هذا المنطلق عني لاكان() باسم الأب المجازي، كونه دالًا مرجعيًّا استبداليًّا يشكل المفترق الذي تتوزع منه الدلالات الأخر في تكون الذات، وخروجها من حالة الاستلاب إلى حالة الارتغاب. هذا ما سنأتي على شرحه في المراحل الثلاثية التي تمهد للدخول في المرحلة الأوديبية وما ينتج عنها من عقدة الخصاء المؤسسة للرغبة انطلاقًا من تماهي الطفل بجنسه، وبزوغ الذات إلى عالم الوجود.