الجمهور والعشيرة البدائية 1من اصل2
في عام 1917 أخذت بفرضية تش. داروين، التي مؤداها أن الشكل البدائي للمجتمع البشري قد تمثل بعشيرة خاضعة للسلطة المطلقة لذكر قوي. وقد حاولت آنئذ أن أبين أن مصائر هذه العشيرة قد تركت آثاراً لا تمحى في تاريخ البشرية المتوارث، وأن تطور الطوطمية، التي مثلت بدايات الدين والأخلاق والتمايز الاجتماعي، ذو صلة بالقضاء العنيف على الرئيس وباستبدال العشيرة الأبوية بالعشيرة الأخوية([1]). صحيح أن ذلك محض فرضية، شأن العديد من الفرضيات الأخرى التي يتوسل بها مؤرخو البشرية البدائية لإنارة ما قبل التاريخ: Just So Story([2])، على حد تعبير أحد نقادي الإنكليز اللطفاء (كروجر). لكني أقدر أن الفرضية ليست مما يجوز الاستهانة به، وبخاصة إذا كانت تصلح، كتلك التي نحن بصدد الكلام عنها، لتفسير وإعادة تركيب وقائع ترجع إلى أزمنة ما تني تبعد وتنأى أكثر فأكثر.
والحال أننا نلتقي من جديد في الجماهير البشرية تلك الصورة التي سبق لنا معرفتها والتي ما هي إلا صورة العشيرة البدائية: فرد محبو بقوة خارقة للمألوف ومسيطر على جمع من الرفقاء المتعادلين. وتتطابق سيكولوجيا هذا الجمهور، كما نعرفها بحسب الأوصاف التي تردد ذكرها مراراً، ونعني زوال الشخصية الواعية،