اللاشعور الاجتماعي 6من اصل6
وما دام المريض متمسكاً بموقف مراقب ذاتي غير مشارك فهو ليس على اتصال بلاشعوره، إنه يفكر بذلك فقط ولا يعيش الواقع الأعم الأشمل في داخل نفسه. ثم إن اكتشاف لا شعوره الخاص به ليس عملاً عقلياً فحسب، بل إنه أيضاً خبرة وجدانية انفعالية يكاد يعجز المرء عن صياغتها أو يتعذر عليه التعبير عنها بكلمات. وهذا لا يعني أنه يمكن ألا يسبق عمل الاكتشاف تفكير وتأمل؛ على أن عمل الكشف ليس عمل التفكير، بل عمل الإدراك والوعي، والأحرى أن نقول إنه بببساطة عمل النظر. إن إدراك الخبرات والأفكار والأحاسيس التي كانت لا شعورية لا تعني التفكير بها، بل رؤيتها، مثلما لا يفكر المرء أيضاً يتنفسه حين يستشعره. إن إدراك اللاشعور خبرة موسومة بميسم العفوية والفجاءة. إذ تتفتح عينا شخص فجأة، فيرى نفسه والعالم في ضوء آخر، وينظر إليهما من وجهة نظر أخرى. والعادة أنه ينشأ في أثناء هذه التجربة خوف شديد، على أنها تمد فيما بعد بإحساس بالقوة. وفي وسعنا أن نصف عملية اكتشاف اللاشعور بأنها سلسلة من التجارب والخبرات التي تتوسع بصورة دائمة ويحس بها إحساساً عميقاً وتتسامى بالمعرفة الفعلية والنظرية.
إذا كان هم المرء أن يجعل اللاشعور شعورياً فالمهم قبل كل شيء أن نعرف العوامل التي تعرقل هذه العملية. وإن هنالك عوامل كثيرة تصعب علينا أن نكون على بصيرة باللاشعور وفهم له. ومن مثل هذه العوامل الجمود العقلي مثلاً وانعدام الاتجاه الصحيح والقنوط وانتفاء كل إمكانية في تغيير الظروف الخارجية. على أنه لا يوجد عامل واحد يصعب عملية جعل اللاشعور شعورياً مثل الآلية التي سماها فرويد “المقاومة”. فما المقاومة في مفهومه؟ إن هذا الاكتشاف مثله مثل الكثير من الاكتشافات، فهو بسيط جداً بحيث إن في وسع المرء أن يقول إن كل واحد يستطيع أن يقوم به، ومع هذا فإن الحاجة إلى ذلك تتطلب مكتشفاً عظيماً.
ولنضرب مثلاً عن صديق لنا يجب عليه أن يقوم برحلة ويبدو أنه خائف من هذه الرحلة.