الذاكرة في الحياة اليومية
1 من أصل 2
الذاكرة ليست مجرد استدعاءِ معلومات صادفناها في فترة سابقة إلى أذهاننا؛ فكلما أثَّرت تجربة حدث سابق على شخص ما في فترة لاحقة، فإن أثر التجربة السابقة يعد انعكاساً لذكرى ذلك الحدث السابق.
يمكن توضيح تقلبات الذاكرة بالمثال التالي: لا شك أنك قد رأيت آلاف العملات طيلة حياتك، ولكن دعنا نتأمل مدى قدرتك على تذكر عملة عادية ربما تكون في جيبك. دون النظر إليها، خذ بضع دقائق لتحاول رسم عملة ذات فئة نقدية محددة اعتمادا على ذاكرتك. قارن الآن بين رسمك والعملة نفسها؛ إلى أي مدى كانت ذاكرتك دقيقة عن العملة؟ مثلاً : هل كان وجه العملة في الاتجاه الصحيح؟ كم عدد الكلمات (لو وجدت!) على العملة التي تذكرتها؟ هل كتبت هذه الكلمات بشكل صحيح؟
أجريت دراسات منهجية في هذا الموضوع بالذات في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، واكتشف الباحثون أن معظم الأفراد، في حقيقة الأمر، يملكون ذاكرة ضعيفة جداً لأشياء مألوفة للغاية، مثل العملات. ويمثل هذا نوعا من الذاكرة نميل إلى التسليم جدلاً بوجوده (ولكنه – إلى حدً ما – غيري موجود فعلا!) جربه مع أشياء مألوفة أخرى في بيئتك، مثل الطوابع، أو حاول أن تتذكر تفاصيل الثياب التي عادةً ما يرتديها الأشخاص الآخرون في مكان عملك أو الذين تختلط معهم باستمرار. النقطة المحورية هنا هي أننا نميل إلى تذكر المعلومات الأكثر بروزا وفائدة بالنسبة إلينا؛ فعلى سبيل المثال: قد نجيد تذكر حجم العملات أو أبعادها أو لونها مقارنةً باتجاه النقش أو الكتابة على العملة؛ لأن الحجم أو الأبعاد أو اللون قد تكون أهم بالنسبة إلينا عند استخدامنا النقود (أي أهم لأغراض الدفع والصرف التي صممت النقود لأجلها). وعند تذكر الأشخاص، سنتذكر عادةً وجوههم وسمات أخرى مميزة تبقى ثابتة نسبيا (وهي – لذلك – أكثر فائدة في التعرف عليهم)، بدلا من السمات التي قد تتغير (مثل ملابسهم).