الوظائف الشخصية للأفلام في الحياة اليومية 1 من أصل 2
في دراسته الواسعة التأثير ” الأدب كوسيلة للعيش” يشير كينيث بيرك إلى أن الاستخدام المجازي للكلمات يمكنه أن يؤثِّر على الفعل الإنساني، كما في المَثَل “الحَجَر المتدحرِج لا تتراكم عليه الطحالب” أو ” كلما ارتفع القرد كشف عن جزء أطول من ذيله” فتلك الأمثال بمثابة نصائح حول كيفية التصرف في موقف حياتي معين. بالنسبة إلى بيرك، تُعَدُّ الأمثال أكثر الأشكال الأدبية اختصارًا. ومسرحيات شكسبير تؤثِّر هي أيضًا على سلوكنا، وإن كان ذلك بطريقة أكثر تعقيدًا وبلا حدود. إن وظيفة الناقد، بحسب بيرك، هي استخلاص الفئات المتنوعة التي يمكن بواسطتها استخدام الأدب:
تلك الفئات ستنظر إلى الأعمال الفنية – كما أعتقد – باعتبارها استراتيجيات لانتقاء الأعداء والحلفاء، ومشاطرة المصائب مع الآخرين، ودَرْء العين الشريرة، والتطهُّر، والاسترضاء، وتدنيس المقدَّسات، والعزاء، والانتقام، والوعظ، والتذكير، وأوامر أو تعليمات مضمرة من نوع أو آخر. فالأشكال الفنية مثل ” التراجيديا” أو “الكوميديا” أو “المحاكاة الساخرة” من شأنها أن يتم التعامل معها باعتبارها “وسائل للعيش” 39.
يقابل بيرك هذه المقاربة للأدب بذلك الاتجاه الذي ينظر للأدب باعتباره كيانًا يسكن في ملكوت للجمال الخالص منقطع الصلة بعالم الواقع. إن الأدب، من وجهة نظره، كيان حي من حيث قدرته على الامتزاج بحيوات القرَّاء. غير أن الأدب ليس هو الفن الوحيد الذي يتمتع بتلك الخاصية الحية. فجميع الوسائل الرمزية لديها القدرة على التأثير على الحياة. 40 ومقولة إن الأفلام وسيلة للعيش، التي نأخذها عن مقولة بيرك، تَصِف ما يحدث عندما يقوم المشاهدون، بطريقة واعية، بتطبيق المعاني التي يجدونها في الأفلام، على تجاربهم الشخصية. 41
تستخدم الأفلام الروائية الرموز لتحكي قصصًا عن أحداث مترابطة في الزمان والمكان، وينبغي على المشاهدين أن يفهموا تلك الرموز ويفسِّروها. 42 إن عملية فهم العالم من خلال القصص التي نرويها هي مكوِّن أساسي من مكونات الطريقة التي يعمل بها العقل. 43