تاريخ العالم
الأجدر بالإنسان المتحضر لكي يصل إلى درجته المنشودة من التحضر أن يكون ملمًا بتاريخ العالم والأمم والحضارات المختلفة، خاصةً الشهيرة أو الحضارات التي خُلدت في صدر التاريخ ومازال أثر تقدمها وعلومها موجودًا حتى الآن ومرجعًا هامًا للعلماء في كل المجالات، كما أن عليه أن يحيط بتاريخ بلده بشكلٍ خاص وكل ما قام على أرضها من حضارات وتتابع عليها من حكامٍ وملوك وشعوب والأحوال العلمية والتاريخية والحضارية والاقتصادية.
الانفتاح الفكري
لست أتخيل الشخص المتحضر شخصًا منغلق العقل جامد الرأي جاهل الخلفية ومنعدم الثقافة بما يتعلق بالجانب الفكري من المجتمع، فعليه أن يكون قابلًا لاستيعاب كل الأفكار ووجهات النظر ومهما اختلف في الرأي مع النظريات الأخرى فعليه أن يستمع ليها ويتفحصها بدون تعنت ولا إصرارٍ على رأيه، كذلك فعليه تتبع الأفكار والنظريات المختلفة من تاريخ صدورها وكيف وصل إليها الإنسان وتاريخ تطورها ومدى تطابقها مع الواقع من عدمه شأن الأفكار كشأن العلوم المختلفة تولد وتتطور وقد يثبت صحتها وقد يثبت مع الزمن أنها كانت خطأً تم تصحيحه.
الإلمام بالعلوم واللغات
الجهل والبدائية هما مضادان التحضر وعدوهما الأول فكيف يستقيم أن نجد الإنسان المتحضر بلا علمٍ ولا لغة، فمن أين يأتي التحضر عند ذلك؟ العلم هو أساس وجود البشرية وأساس وجود الإنسان والإلمام به قد يبدو اختيارًا لمن أراد أما من لم يرده تركه، لكني أجده فرضًا على الإنسان وواجبه نحو نفسه أن يسخر جزءًا غير يسيرٍ من حياته للعلم والمعرفة والإلمام بالعلوم المختلفة والتخصص في أحدها فبالعلم تقوم الأمم، كذلك اللغات فهي وسائل التواصل بين البشر وبين المجتمعات وبابٌ للانفتاح على الثقافات الأخرى وكسرٌ للحاجز بيننا وبين الآخرين ومدٌ لجسور التواصل وزيادة العلم والمعرفة.
مواكبة العصر
الإنسان المتحضر لن يحمل تراث الماضي فحسب ليلم به ويستفيد منه وإنما عليه أن يواكب حاضره وما يحدث فيه من تطوراتٍ ويتابعها ويتعلم كل جديدٍ فيها، لأن الإنسان لو ترك نفسه للخمول والكسل وتخاذل عن موكب التقدم سيستيقظ ذات يومٍ ليجد أن الركب قد سبقوه وما عاد يراهم فيصبح غريبًا في أرضه متأخرًا عن أهلها، كأنه إنسانٌ من الماضي وسقط بالخطأ في المستقبل!