“رسوم نهارية” جديد فاروق يوسف: هذيانية تنبعث منها حكايات داخل أزمنة متداخلة
عن دار السويدي (أبو ظبي)، صدر كتاب جديد لفاروق يوسف بعنوان “رسوم نهارية ومسافر نائم”. من خلال الكتاب الذي صدر ضمن سلسلة يوميات عربية يكمل الشاعر وناقد الفن العراقي ما بدأه في عدد من كتبه التي أصدرها عبر السنوات الماضية “لا شيء لا أحد” “فردوس نائم” و”فاكهة صامتة” ومائدة من هواء” و”القيامة بعد شارعين”، وهي كتب تقدم نوعا من الأدب الشخصي الذي تمتزج فيه الرحلات باليوميات بالسيرة الشخصية، وهو ما خصه الكاتب بعنايته بل وصنع أسلوبه من خلاله.
يتألف الكتاب من ثلاثة فصول. الأول بعنوان “أتذكر لأنسى”، وهو عبارة عن نص طويل كُتب بطريقة هذيانية تنبعث منها الحكايات عبر أزمنة متداخلة يخترقها الراوي ممسكا بخيط فكرته التي تعود به إلى مناطق حساسة من تاريخه الشخصي. أما الفصل الثاني فقد حمل عنوان “وقائع مجاورة” وضم 31 نصا حكائيا يروي كل واحد منها واقعة ذات دلالة عاطفية يبرز من خلالها الأثر الذي يخلفه المسافر وراءه وهو ما يمكن أن يشكل نوعا من محاولة تحويل الحياة إلى فن وبالعكس. في الفصل الثالث بعنوان “ثلاث ملاحظات في الكتابة”، قدم الكاتب مفاتيح لتجربته في كتابة الكتاب من خلال العودة إلى مصادره التي تجمع بين الحياة المباشرة وخيالها في الفن.
من أجواء الكتاب نقرأ :
“كان الوقت يمر. حلزونه يسعى بين وسادتين. فيما الدرب تهذب خطوات العابرين. ترك الحطاب على الحجر أثرا منه سيمحوه المطر. ولكن ذلك الأثر سيذهب مباشرة إلى الرسم. ما من شيء يذهب هدرا. أجدك في الفراشة أيتها اليرقة. أجدك في العسل أيتها النحلة. أجدك في الحجر أيها الطريق. الرسم يفتح الأبواب بين الحدائق السرية. ننزلق غامضين مثل الملائكة، كما لو أننا خلقنا ضيوفا عابرين. نصمت من أجل الكلام ونتكلم من أجل الصمت. كنا نرتجل أناقتنا الفائضة، من أجل أن لا تشعر الغزالة بالغربة. جسد على جسد ويدان نافرتان وصوت يطبق على الشفتين “كنا نلهو” يقول المغني فلا تصدقه. كانت كلمات النشيد تقص الأوراق لتحرر الشجرة من أمومتها. كان هناك شيء ناقص في زقورة أور، في جنائن بابل المعلقة، في هرم خوفو، في الغانج، في سور الصين العظيم، في خزانة بترا، في معبد باخوس ببعلبك. شيء ناقص يبقي الباب مواربا. هناك ما لم يُقل بعد. لا يكتفي الرسم بالأبخرة. يمكننا أن نكون جميلين في لحظة النقص تلك. لكن ليس إلى الأبد. الحبر وهو ماء يمكنه أن يكون إنسيا”.