أخلاق الشعب الجامعة

أخلاق الشعب الجامعة
أخلاق الشعب الجامعة

 

لكل شعب أخلاق جامعة مشتركة بين أكثر أفراده، فتلك الأخلاق تحدث في الشعب آراءمتشابهة في بضعة مواضيع جوهرية، ولا حاجة لأخلاق الشعب الأساسية أن تكونعديدة؛ إذ الاستقرار في أخلاق الشعب لا عددها هو الذي يهيمن على مصيره؛ فلو أخذناالإنكليز مثلا لرأينا أن العوامل التي تقود تاريخهم هي من القلة بحيث يمكن تلخيصهافي بضعة أسطر، وإليكها: عبادة المجهود الثابت المستمر الذي يمنع المرء من التقهقر أمام أي مانع، والذي يجعله يعتبر كل كارثة أمرا لا يرتق فتقه؛ احترام العادات وكلما أثبته الزمان احتراما دينيا؛ الحاجة إلى العمل وازدراء تأملات الفكر العقيمة؛ احتقارالضعف؛ حب الواجب؛ اعتبار ردع الرجل نفسه بنفسه صفة أصيلة يجب على التربية أن تعتني بها اعتناء خاصا.

وهنالك خصائص خلقية لا تطاق في الأفراد، ولكنها تصبح فضائل عندما تخص المجتمع؛ كالفخر مثلا، فالفخر الشعبي يحرض الأمم على الحركة والعمل، وبفضله كانالجندي الروماني يجد ثوابا كافيا بانتسابه إلى أمة دوخت العالم. وما الشجاعة الخارقةالتي أبداها اليابانيون في حربهم الأخيرة مع الروس إلا صادرة عن مثل ذلك الفخر.

ثم إن الفخر أساس الرقي، فمتى شعرت الأمة بأفضليتها على الأمم الأخرى فإنها تبذلحبها للمحافظة على تلك الأفضلية.

بالخلق لا بالذكاء تفترق الشعوب وتتحاب وتتباغض، وما بينها من تباين فبالأخلاق لا بالذكاء الذي هو من نوع واحد عند جميعها، ولما كان تأثير الشيء الواحد في الشعوبيختلف باختلافها فإن سير هذه الشعوب يتباين بحكم الطبيعة حتى في الأحوال التييظهر أنها واحدة، وسواء أنظرنا إلى الشعوب أم نظرنا إلى الأفراد فإن الاختلاف بينالبشر يكون باختلاف الأخلاق أكثر منه بالمنافع والذكاء.

 

m2pack.biz