ابن مسكويه 293 من 297

ابن مسكويه

بل هو العداله مع الاحتياط فيها وكأنه مبالغه لايخرجها عن معناها لان هذه الهيئه النفسانيه ليست غير تلك الهيئه بل هي .

فاما الاطراف التي هي رذائل اعني الزياده والنقصان التي سبق القول فيها فهي كلها هيئات مذمومه غير الهيئات المحموده وحدود هذه الاشياء هي التي تحصل لك معانيها ومشاركه بعضها البعض ومباينه بعضها البعض .

وايضا فان الشريعه تامر بالعداله امرا كليا وليست تنحط الي الجزيئات واعني بذلك ان العداله التي هي المساواه تكون مره في باب الكم ومره في باب الكيف وفي سائر المقولات وبيان ذلك ان نسبه الماء الي الهواء مثلا ليست تكون بالكميه بل بالكيفيه ولو كانت بالكميه لوجب ان يكونا متساويين في المساحه ولو كانا كذلك لتغالبا واحال احدهما الاخر الي ذاته وكذلك النار والهواء ولو احالت هذه العناصر بعضها بعضا لفني العالم في اقرب مده ولكن للباري تقدس اسمه عادل بين هذه بالقوه فتقاومت فليس يغلب احد الاخر بالكليه وانما يحيل الجزء منها في الاطراف اعني حيث تلتقي نهاياتها واما كلياتها فلا تقدر علي كلياتها لان قواها متساويه متعادله علي غايه التسويه والتعادل وبهذا النوع من العدل قيل بالعدل قامت السموات والارض ولو رجح احدهما علي الاخر بزياده يسير قوه لاحال الزائد الناقض وقوي عليه فبطل العالم فسبحان القائم بالقسط لا اله الا هو .

21- الشريعه تامر بالعداله

قال : ولما كانت الشريعه تامر بالعداله الكامله لم تامر بالتفضل الكلي بل ندبت اليه ندبا يستعمل في الجزيئات التي لايمكن ان تعين

m2pack.biz