ابن مسكويه 292 من 297

 

ابن مسكويه

أن يعرف الاسباب والعلل طالع الحكمه فوجدها موافقه لما تقدمت عادته به فاستحكم رايه وقويت بصيرته ونفذت عزيمته .

20 – مسأله عويضه ثانيه :

قال : وههنا مسأله عويضه اشد من الاولي ، وهوان التفضل شئ محمود جداً وليس يقع تحت العداله لان العداله كما ذكرنا مساواه والتفضيل زياده وقد حكمنا ان العداله تجمع الفضائل كلها ولا مزيد عليها بل يجب ان تكون الزياده عليها مذمومه كما ان النقصان عنها مذموم ليكون شرف الوسط الذي تقدم وصفه في سائر الاخلاق حاصلا للعداله .

فالجواب عنها ان التفضل احتياط يقع من صاحبه في العداله ليامن به وقوع النقص في شئ من شرائطها .

الوسط في كلا الطرفين من الاخلاق علي شريطه واحده وذلك ان الزياده في باب السخاء اذا لم تخرج الي باب التبذير احسن من النقصان فيه واشبه بالمحافظه علي شرائطه وابلغ في الاحتياط عليه واخذ الحزم فيه ومع ذلك فليس يستعمل التفضل الاحيث تستعمل العداله .

واعني بذلك ان من اعطي ماله من لايستحق شيئا منه وترك مواساه من يستحقه لايسمي متفضلا بل مضيعا .

وانما يكون متفضلا اذا اعطي من يستحق كل مايستحق ثم زاده تفضلا وهذه الزياده ليست من الزياده التي تكلم عنها مسكويه في السخاء لان تلك الزياده ذهاب الي الطرق الذي يسمي تبذيرا وه  مذموم ويعرف ذلك من حده وهو بذل مالاينبغي كما لاينبغي في الوقت الذي لاينبغي .

فاذا التفضل غير خارج عن شرط العداله بل هو احتياط فيها ولذلك قيل ان المتفضل اشرف من العادل .

فقد بان ان التفضل ليس غير العداله .

m2pack.biz