التعليم والتربية 2من اصل3

 التعليم والتربية 2من اصل3

 التعليم والتربية 2من اصل3
التعليم والتربية 2من اصل3

وكنت أنا شخصيًّا قد بينت في كتب عديدة(6) أن تعليمنا الحالي يحول عددًا كبيرًا من أولئك الذين يتلقونه إلى أعداء للمجتمع. كما أنه يقدم الكثير من المجندين والأنصار للانخراط في أبشع أنواع الاشتراكية.

والخطر الأول لهذه التربية المدعوة حقًا باللاتينية هو ارتكازها على خطأ نفسي أساسي مفاده أن استذكار الكتب المدرسية يطور الذكاء أو يجعله يتفتح. وبناء على ذلك فيجهد الطلاب في تعلم أكبر قدر من المواد والمعلومات واختزانها. وهكذا نجد أن الطالب الشاب ما ينفك منذ السنة الابتدائية وحتى الدكتوراه أو شهادة التبريز يبتلع مضمون الكتب بدون أن يشغل عقله أو رأيه الشخصي. فالتعليم بالنسبة له يتمثل في الحفظ والطاعة. يقول السيد جول سيمون الوزير السابق للتعليم بهذا الصدد ما يلي: “إن تعلم الدروس وحفظ القواعد أو المختصرات عن ظهر قلب، ثم تردادها وتقليدها جيدًا يشكل ثقافة مسلية. وفيها نجد أن كل جهد هو عبارة عن إيمان واعتقاد بمعصومية الأستاذ. وهي لا تؤدي في النهاية إلا إلى خفض مستوانا وجعلنا عاجزين”.

ولو كان هذا التعليم عديم الجدوى فقط لاكتفينا بالحزن والرثاء على الأطفال الذين يعلمون بدلًا من الأشياء الكثيرة الضرورية شجرة النسب لأبناء كلوتير وصراعات نوستري وأوستراسي أو التصنيفات الحيوانية، ولكنه يمثل خطرًا أكبر بكثير لأنه يوحي للطفل الذي تلقاه تقززًا عنيفًا من البيئة التي ولد فيها والرغبة الشديدة في الخروج منها. فالعامل لم يعد يرغب في أن يبقى عاملًا، والفلاح لم يعد يرغب في أن يبقى فلاحًا، وآخر البورجوازيين لم يعد يرى لأولاده من مهنة ممكنة إلا أن يصبحوا موظفين ذوي رواتب لدى الدولة. وبدلًا من تحضير رجال المستقبل لمواجهة الحياة، فإن المدرسة لا تحضرهم إلا للوظائف العامة حيث لا يتطلب النجاح أي جهد شخصي أو مبادرة ذاتية من طرف الطالب. فهو يخلق في أسفل السلم الاجتماعي جيوشًا من البروليتاريين الناقمين على وضعهم والمستعدين دائمًا للتمرد. ويخلق في أعلى السلم الاجتماعي بورجوازيتنا الطائشة، المتشككة والساذجة في آن معًا.

m2pack.biz