العقائد الثابتة 3من اصل3

العقائد الثابتة 3من اصل3

العقائد الثابتة 3 من اصل 3
العقائد الثابتة 3 من اصل 3

ولكن هناك صعوبات كبيرة تقف في وجه تشكل عقيدة إيمانية عامة كما قلنا سابقًا. وإذا ما تشكلت ورسخت نهائيًّا فإنه يصبح من المستحيل الإطاحة بها لمدة طويلة. وأيًّا يكن بطلانها الفلسفي فإنها تفرض نفسها على أكبر الشخصيات وأذكاها. ألم تعتبر الشعوب الأوروبية منذ خمسة عشر قرنًا أن أساطير مولوك الدينية هي حقائق لا تناقش؟ ولكننا نعرف عندما نتفحصها عن كثب إنها بربرية وهمجية(1). فالعبثية المرعبة لأسطورة الإله الذي ينتقم من ابنه بواسطة التعذيب المرعب لأنه عصاه لم تلحظ من قبل أحد طيلة قرون عديدة. وأكبر الشخصيات العبقرية من أمثال غاليليو، نيوتن، لايبنتز لم يخطر على بالهم لحظة واحدة أن حقيقة مثل هذه الأساطير يمكن أن توضع على محك الشك. وهذا أكبر دليل على التنويم المغناطيسي الذي تمارسه العقائد العامة المشتركة. ولكن لا شيء يبرهن بشكل أفضل على المحدودية المذلة لروحنا.

وما إن تنزرع عقيدة جديدة في روح الجماهير حتى تصبح ملهمة لمؤسساته وفنونه وسلوكه. وتكون هيمنتها على النفوس مطلقة عندئذ. ويحلم رجال الممارسة والانخراط بإنجازها على أرض الواقع، ويحلم المشرعون بتطبيقها. ويهتم الفلاسفة والفنانون والأدباء بترجمتها بأشكال شتى.

ويمكن أن تنبثق أفكار مؤقتة ثانوية عن العقيدة الأساسية ولكنها تحمل دائمًا طابع الإيمان المنبثقة عنه. نضرب على ذلك مثلًا الحضارة المصرية وحضارة القرون الوسطى والحضارة الإسلامية للعرب، فهي جميعها متفرعة عن عدد صغير من العقائد الدينية التي طبعت بطابعها كل عناصر هذه الحضارات والتي تتيح التعرف عليها فورًا.

وبفضل العقائد الإيمانية العامة فإن رجال كل عصر محاطون بشبكة من التقاليد والآراء والأعراف التي يرزحون تحت نيرها ولا يستطيعون الإفلات منها. وهي التي تجعلهم متشابهين أكثر فأكثر كل يوم. وأكثر الناس ذكاء واستقلالية لا يستطيعون التملص منها. وليس هناك من طغيان حقيقي أكبر من ذلك الذي يمارس نفسه على النفوس بشكل لا واع لأنه الوحيد الذي لا يمكننا أن نحاربه. فتيبير(2) وجنكيز خان ونابليون كانوا طغاة رهيبين بدون شك،

m2pack.biz