اللاشعور الاجتماعي 37من اصل37

اللاشعور الاجتماعي 37من اصل37

اللاشعور الاجتماعي 37من اصل37
اللاشعور الاجتماعي 37من اصل37

وكما أن صوت المنوم المغناطيسي وكلماته تحل في حالة التفكك (Dissoziation) محل الواقع، فإن النموذج الاجتماعي يرادف في نظر معظم الناس الواقع. فما يراه الفرد معقولاً ومطابقاً للواقع هو القوالب Klischees التي يقبل بها مجتمعه، والكثير مما لا يتناسب مع هذه القوالب سيكون مستبعداً من ساح الشعور ويكون لا شعورياً. ويكاد ألا يوجد أي شيء يمكن ألا يعتقد به الإنسان ما أو يكبته حين يهدده الآخرون بالنبذ والطرد على نحو واضح أو غير واضح. وأود أن أعود هنا مرة أخرى إلى الخوف من فقدان الهوية والذي سبق أن عالجناه، وأشير على أن الإحساس بالهوية يقوم في نظر معظم الناس على انسجامهم توافقهم مع القوالب الاجتماعية.

“فهي” الشيء الذي يتوقعه المرء منها- وعلى هذا يستتبع الخوف من النبذ والطرد والخوف من فقدان الهوية أيضاً، وارتباط الخوفين كليهما يؤثر في الإنسان أشد التأثيرات.

والمفهوم أن الخوف من الطرد أساس للكبت قد يؤدي إلى الرأي البائس أن كل مجتمع يمكن أن يجرد الإنسان من الصفات الإنسانية ويشوهه ويمسخه كما يحلو له دائماً لأن في إمكان كل مجتمع أن يهدده بالنبذ والطرد. على أن هذا الفرض قد غفل حقيقة أخرى. إذ أن الإنسان ليس عضواً في المجتمع فحسب، بل إنه عضو في الإنسانية جمعاء. فهو لا يخاف من العزل الكلي من مجموعة اجتماعية فحسب، بل يخاف أيضا من أن يفصل عن كونه إنساناً، هذا الكيان الذي يعيش في داخله ويمثله ضميره وعقله. وإنه لمن المجهد أن يكون المرء لا إنسانياً على نحو تام حتى لو أن المجتمع برمته اتخذ قواعد سلوك لا إنسانية. فكلما ازداد المجتمع إنسانية قل احتياج الإنسان الفرد إلى الاختيار بين العزل عن المجتمع أو العزل عن الإنسانية. وكلما اشتد الصراع والتعارض بين أهداف المجتمع والأهداف الإنسانية الحقة في إنسانيتها اشتد تمزق الفرد بين كلي قطبي العزلة الخطيرين. ومثلما يحس شخص ما بتضامنه مع الإنسانية على أساس تطوره الروحي والعقلي فإن في وسعه أيضاً أن يتحمل النبذ الاجتماعي، والعكس بالعكس.

m2pack.biz