اللاشعور الاجتماعي 38من اصل38

اللاشعور الاجتماعي 38من اصل38

اللاشعور الاجتماعي 38من اصل38
اللاشعور الاجتماعي 38من اصل38

فالقدرة على أن يلبي صوت الضمير تتوقف على مدى ما يتجاوز شخص ما حدود مجتمعه ويصبح مواطناً عالمياً. ولا يسمح الفرد لنفسه عادة أن يجعل أفكاره وأحاسيسه وعواطفه شعورية حين لا تتفق مع نظام حضارته؛ وعلى هذا يجب عليه أن يكبتها. ومن الناحية الشكلية يتوقف ما هو شعوري وما هو لا شعوري على بنية المجتمع ونموذجات التفكير والإحساس التي يضعها. أما ما يتعلق بمضامين اللاشعور فليس في الإمكان التعميم هنا. على أن شيئاً واحداً يستطيع المرء أن يثبته: وهو أن اللاشعور يمثل دائماً الإنسان الكلي بكل ما لديه من سبل إلى الظلمة والنور. ويشكل دائماً الأساس للإجابات المختلفة التي يمكن أن يقدمها الإنسان عن السؤال الذي يطرحه عليه كيانه ووجوده. وفي الحالة القصوى لحضارات هي غاية في الارتداد والتراجع وعلى وشد أن ترتد وتتراجع إلى وجود حيواني فإن هذه الرغبة سائدة على نحو شعوري على حين تكون مكبوتة كل الدوافع للبروز من هذا المستوى. وفي حضارة تقدمت من أهداف رجعية ارتدادية إلى أهداف تقدمية عقلياً تكون القوى التي تمثل الظلمة لا شعورية. على أن الإنسان يحمل في كل حضارة الإمكانيات كلها في ذاته؟ فهو الإنسان القديم والحيوان الكاسر وآكل اللحوم وعابد الأصنام، وهو في الوقت نفسه الكائن ذو القدرة على العقل والحب والعدالة. وعلى هذا فإن مضمون اللاشعور ليس خيراً، ولا شراً، ليس عقلانياً ولا عقلانياً، فهو كلهما معاً، وهو كل شيء إنساني. اللاشعور هو الإنسان الكلي- إلا الجزء منه الذي يطابق مجتمعه. ويمثل الشعور الإنسان فرداً منتمياً للمجتمع ويمثل الحدود العرضية التي فرضت من خلال الموقف التاريخي الذي يوضع فيه الإنسان الفرد. ويمثل اللاشعور الإنسان العالمي، الإنسان الكلي الذي يضرب جذوره في الكون، ويمثل النبتة فيه والحيوان فيه والروح فيه؛ ويمثل ماضيه حتى مطلع فجر الكيان الإنساني، ويمثل مستقبله إلى اليوم الذي يكون الإنسان قد أصبح فيه إنساناً كامل الإنسانية ويكون قد أضفى على الطبيعة طابعاً إنسانياً على الإنسان “طابع الطبيعة”.

m2pack.biz