شئونه9من اصل16

شئونه9من اصل16

شئونه9من اصل16
شئونه9من اصل16

كانت تربيته السياسية عدة له وأي عدة، وكانت مع هذا هي مشكلة المشكلات بين الاستعداد بها والتصرف فيها وفاقًا لما اختلف من ظروفها وملابساتها.

عدة ولا عدة..

وهذه هي إحدى النقائض الكبرى التي تأصلت في عهد هذا الخليفة الشهيد. ونقيضة أخرى من نقائض عهده، تعود إلى مزيته العظمى في إسلامه قبل عامة قومه.

فهذه المزية العظمى، ما معناها إذا نحن عبرنا عنها بعبارة أخرى لا تخرج عنها في لبابها أو قشورها؟

معناها القريب البسيط أن قومه تأخروا في الإسلام، وأنه كان مسلمًا من صفوة المسلمين إذ كان قومه عامة على لدد الكفر وإصرار العداوة بينهم وبين النبي وصحبه الأبرار، وكان منهم من يعوذون به وهم كافرون أو مرتدون، فيبدو ذلك نكيرًا منفردًا بين جلبة الصحابة، لأنه كان وحده منفردًا بالمزية التي لم ينفردوا بها مثله، وهي سبقة إلى الإسلام بين أسرة مصرة على المكابرة والعداء.

ولقد كان العربي يلوذ بالعربي وهما في المعسكرين المتناجزين، وكان عثمان مسلمًا يوم اوفده النبي إلى مكة وتلقاه أهلها بالأذى فتصدى لنصرته بعض أبناء عمومته المشركين، ومضى ذلك في حينه ولم يتلفت إليه ملتفت في ذلك الحين، لأنه لم يكن بدعًا من عادات القوم قبل الإسلام ولا بعده، وكان مشركو مكة يهابون المساس بصاحب الدعوة نفسه، لعلمهم أن عشيرته تغضب له إذا جد الجد وأصابه المكروه في سبيل الدين.

فلما انتهى أمر الشرك، وانتهى عرفه وعاداته، وبقيت مفاخر الاسلام وسوابقه، أصبحت المزية العظمى نقيصة من جانبها الآخر… وبغير هذا الجانب الآخر لم تكن مزية على الإطلاق.

يحضرنا في هذا الصدد مثل يستوحيه الذهن قسرًا في موقعه من هذه السيرة، وهو مثل الرؤيا التي فسرها المنجمون للملك تفسيرًا قضى عليهم بالعقاب، ثم فسرها له غيرهم تفسيرًا أغدق عليهم النعمة والثواب، ولا فرق بين التفسيرين في المدلول…

قال له المنجمون أولًا: إن الرؤيا مشئومة، لأنها تريه أعزاءه يهلكون واحدًا بعد واحد، ثم لا يلبث الملك أن يهلك على آثارهم.

 

m2pack.biz