غزيرة القطيع 4من اصل4

غزيرة القطيع 4من اصل4

غزيرة القطيع 4من اصل4
غزيرة القطيع 4من اصل4

وحصره هذا، بدلاً من أن يهدأ مع ظهور رجل ما “من القطيع”، يثور على العكس لرؤية “الغريب”. ويبقى الطفل، علاوة على ذلك، محروماً لأمد طويل من الزمن من الغريزة القطيعية أو الحس الجمعي. فهذه الغريزة وهذا الحس لا يتكونان إلا رويداً رويداً في حجرة نومه، كنتيجة للعلاقات بين الأولاد والأهل وكرد فعل على شعور الغيرة الذي يستقبل به الطفل الأكبر سناً تطفل الطفل الأصغر سناً. ولو ترك الخيار للأول لأبعد الثاني بطيبة خاطر، كيما يفصله عن الوالدين ويجرده من حقوقه كافة؛ لكن إزاء الحب المتعادل الذي يبديه الوالدان حيال أطفالهما جميعاً، وبالنظر إلى استحالة التمسك لأمد طويل من الزمن بذلك الموقف العدائي من دون أن يتأتى عنه ضرر لأولئك الذين يقفونه، يحدث في خاتمة المطاف تماه بين الأولاد جميعاً ويتكون شعور بالاتحاد لا يلبث أن يتطور مع دخول المدرسة. والمطلب الأول الذي ينشأ عن رد الفعل هذا هو مطلب العدل والمعاملة المتساوية للجميع. ومعروف مدى القوة والتضامن اللذين يتوطد بهما هذا المطلب في المدرسة. فما دام الواحد لا يستطيع أن يكون هو الأثير والمميز، فلابد أن يكون الجميع في الهم سواء، فلا يتمتع أحد بمحاباة خاصة وبامتيازات خاصة. ولقد كان مباحاً لنا أن نعتبر تحول الغيرة هذا إلى شعور بالتضامن لدى الأولاد المجتمعين في حجرة واحدة والجالسين على مقاعد مدرسة واحدة أمراً بعيد الاحتمال لولا أن السيرورة عينها تُلاحظ في زمن لاحق وفي ظروف مختلفة. ولنستحضر في أذهاننا صورة جمع من الصبايا والفتيات الخياليات، المولهات بمغنٍ أو عازف بيانو ذائع الصيت، وقد تحلقن حوله متدافعات بعد انتهاء الحفلة. فلا ريب في أن لكل منهن من الأسباب ما يحملها على الغيرة من سائر الأخريات، لكن بالنظر إلى عددهن، ولما كان من المستحيل على أي منهن أن تنفرد بالاستحواذ على موضوع حبهن المشترك، لذا يعزفن عنه جميعاً، وبدلاً من أن تشد الواحدة منهن شعر الأخرى يتصرفن بوصفهن جمهوراً متضامناً، ويرفعن إلى معبودهن آيات إعجابهن المشترك،

m2pack.biz