قابلية التأويل في أعمال الأردني خالد بدور

قابلية التأويل في أعمال الأردني خالد بدور

قابلية التأويل في أعمال الأردني خالد بدور

الرباط «القدس العربي» من محمد البندوري: يعتمد التشكيلي الأردني خالد بدور على اختيارات مرجعية جمالية دقيقة، يروم من خلالها إحداث بناءات محجبة في أعماله، يجهز على المساحات وينسج مجالا منظما، متنوع الألوان، تحكمه ، وتدعمه الأشكال العلاماتية التي تفتح المجال لتعددية القراءة وقابلية التأويل، يتغيا غايات فنية مستمرة صرفة، وهي سمة تلوح أنوارها في إبداعاته الفنية، يرسخها وفق التفاعليات والجماليات المتنوعة، على مستوى المادة اللونية الخفيفة، التي تخصب المجال وتبعث فيه موتيفات، وتحقق تشكلات للتعبير عن رِؤيته الفنية وتصوراته المختلفة، التي هي بدورها تتبدى في أشكال خفية في معظم منجزاته التجريدية، وذلك لتفاعله مع المفردات التشكيلية المعاصرة.
والفنان خالد بدور يوظف أسلوبه التجريدي البديع بتقنيات عالية وأبعاد فلسفية، تنبثق أساسا من مجاله البيئي والتعبيري، ونسيجه الثقافي، ورصيده المعرفي، الذي ينسج من خلاله وشائج من العلاقات التحاورية يبني بها الفضاء، وتتراءى بين كتل خفيفة من الرموز والعلامات والألوان الخافتة أحيانا، والبارزة أحيانا أخرى، في سعي منه إلى إيجاد صيغ من الانسجام بين مختلف العناصر المكونة لأعماله. وهو لا يقتصر في عملية البناء على تلك الوشائج وحسب، بل يضفي عليها شحنات من المفردات الفنية والعناصر الشكلية المترابطة والمتصلة بالفضاء مباشرة ويقوم بتدجيجها في المساحات المحجبة لخلق روابط بين كل المكونات، ويعمل بتلقائية وانسيابية على التعبير بطرق غير مباشرة عن هواجسه وعن الأحاسيس والمشاعر التي تخالجه، والتي تتبدى جلية من خلال طرائقه المختلفة في عمليات التوظيف التي تغطي مجمل مساحات الفضاء.
لكن في المنظور النقدي، فإن مجال التشكيل في أعماله يتأثر بغياب التوظيف المحكم للضوء، خاصة أنه يعمد إلى النسيج الأدائي المركب، فتظهر فيه البساطة التي تتبدى على إثرها المفارقة بين الشكل العام والتعبيرات الغائصة في العوالم الإبداعية الفلسفية، بائنة.
لذا فإن طرحه الإبداعي يتأثر بتأثر الملمس والأطياف والملمح في علاقتها بالضوء، ما يؤثر كذلك على عمليات التحوير.
لكن على الرغم من ذلك فإن للفنان التشكيلي خالد بدور مؤهلات قوية تمكنه من بسط تقنياته العالية، ليعبّر وفق معالم وطقوس تشكيلية تمتح مقوماتها من القاموس التشكيلي المعاصر، وبمفردات تستمد وجودها من تصوراته ورؤاه الفنية التي يتوخى من خلالها إرساء مقومات ولبنات خاصة لأعماله الفنية الإبداعية، المبنية على أسس من الخبايا والرموز والعلامات التشكيلية المختلفة وعلى أسرار مندغمة في لب الجمال التجريدي.
وإن هذا التوجه الذي يروم هذا المنحى من التعبير، يؤسس في العمق لأسلوب يعتمد نهجا تفاعليا حضاريا كبيرا. فمن خلاله يجسد أشكالا وأنماطا وعوالم جديدة، ويؤثث لمنحى فني تشكيلي تجريدي تفاعلي معاصر، يضطلع بتقاطعات حوارية وفلسفية مع جوهر الفن التجريدي، في وضع فني راق يفضي إلى قراءات وتأويلات متعددة ترتكز على وحدة الدال وتعدد المدلول، ويتغيا في منجزه تأطير هذا الأسلوب التشكيلي في سياق تجربة فنية تجريدية معاصرة. ناطقة بجملة من المعاني التي تنتجها أحاسيسه ومشاعره الجياشة، وتتبدى فيها تعبيرات قيمية وكتل خفيفة من الألوان الزاهية الرائقة التي تلعب أدوارا محورية في توجيه أعماله نحو البعد الجمالي ونحو مسار إبداعي خاص، عن طريق الطلاء الخفيف باللون الكلي حينا والجزئي حينا آخر، ومن خلال نسج خيوط وإحداث بقع خرائطية بألوان متنوعة ومختلفة، تحرك الفضاء باستعمال مختلف الصيغ الفنية، والعناصر الأداتية باعتبارها وسائل نسيجية، وفي الحين نفسه باعتبارها أفقا تعبيريا وتصوريا ورؤيويا، يقدم من خلاله الفنان خالد بدور مواد تشكيلية تجريدية تعبيرية تنطق بالعديد من المعاني المحسوسة التي تسهم في بناء أشكال جديدة ذات دلالات ومغاز عميقة.
قابلية التأويل في أعمال الأردني خالد بدور

m2pack.biz