قطعة من الأدب وقطعة من الفن النصف السينمائي «لفيل» مروان حامد الأزرق؟

قطعة من الأدب وقطعة من الفن النصف السينمائي «لفيل» مروان حامد الأزرق؟

قطعة من الأدب وقطعة من الفن النصف السينمائي «لفيل» مروان حامد الأزرق؟

القاهرة «القدس العربي»: ما بين الكلمة المكتوبة والكلمة المصورة متشابهات في الوقع والتأثير فعند تحويل عمل روائي أدبي إلى فيلم سينمائي تزداد فاعلىة المصنف ويصبح مؤثرا على المستويين كونه عملا ثقافيا يتضمن مفاهيم وأفكارا وأيضا لان الصورة لها سحرها الخاص وبهذا تكون الفائدة مزدوجة وتصب نتائجها في شباك التذاكر وتترجم فورا إلى بنكنوت.
من أجل هذه الميزة يتهافت كل طرف على الآخر إقبال من الكتاب على السينما وترحيب من السينما على الإبداع الأدبي وحركة نقدية شديدة النشاط تدعم بدورها هذا الاتجاه وتسانده وهناك تجارب عديدة في هذا الإطار قديمة ومعاصرة.
وربما روايات نجيب محفوظ المصورة سينمائيا هي الدالة على ذلك وهي أيضا التي فتحت طريقا واسعا للتعامل الفني مع الأدب وان لم تكن التجارب اللاحقة في نفس المستوى لكنها خلقت اعتبارا للغة المشتركة بين السينما والرواية.
هناك من يرى هبوطا ما في التناول السينمائي للأدب أحيانا ويتحفظ على اللغة والمنظور والشكل ويعتبر ان ثمة إفسادا للذائقة الأدبية قد تسببت فيه السينما. وفي المقابل يرى فريق آخر ان العكس هو الصحيح متعللا بأن الأدب الروائي عرف طريقه إلى الجمهور من خلال الشاشة السينمائية. والرأيان من وجهة نظري صحيحان حيث لعبت السينما دورا رائدا في ترويج الأعمال الأدبية وعدم اغترابها تماما بين العامة من الناس. ومن ناحية أخرى كان للسينما دورها السلبي في تسطيح أدى النزول بالمفاهيم المتضمنة إلى مستويات التلقي المتواضعة إلى إفراز لغة ثالثة ليست فنية وليست أدبية وإنما مجرد تنويع ساذج اقترب من رغبات شهوانية خاطب الغرائز بشكل فج ومن ثم ذلك اهتزت الثقة ما بين السينما والأدب اهتزازا مؤثرا لكنه لم يقطع الصلة بينهما.
الأمثلة في هذا المضمار تتضح في أعمال روائية يأتي على رأسها «الكرنك، والثلاثية، والحرافيش» لنجيب محفوظ وهي نماذج تجسد التأثير السلبي والنقل المشوه في السينما بينما يوجد لدى الأديب نفسه أعمال أخرى مثل «ثرثرة فوق النيل، وقلب الليل، وميرامار، والسراب» عالجتها السينما معالجات إبداعية جيدة ووصلت بها إلى عمق الوعي الجماهيري.
هذه القياسات في العلاقة ما بين السينما وأدب نجيب محفوظ جعلت من الوصل للشاشة الكبرى برغم كل التحفظات هدفا لكل روائي وكل كاتب قصة، وتعددت، على أثر ذلك، المحاولات. رأينا تجارب مثل «صياد الحمام ومالك الحزين أو الكيت كات، وعصافير النيل، وعمارة يعقوبيان» وأخيرا النموذج الأحدث «الفيل الأزرق» للروائي الشاب أحمد مراد الرواية التي تحولت إلى فيلم سينمائي وتشغل النقاد حاليا ما بين مؤيدين يرون انها استفادت من الدعاية السينمائية فارتفعت أسهمها ورفعت هي بدورها من القيمة الفنية للفيلم بيد ان آخرين يرونها رواية محظوظة وفيلم متواضع فيه الكثير من الأخطاء أولها الميل الشديد للغموض والرغبة في استحداث نمط غرائبي لسينما الرعب على الطريقة المصرية.
وأيا كان الرأي ووجهة النظر فإن ما يستحق في هذه التجربة هي انها أسرع استجابة للسينما في تعاملها مع الأدب الجديد. ولا شك ان الفضل في هذه السرعة يعود للمخرج مروان حامد الذي بات معنيا بالتقاط الجواهر الأدبية لعرضها في الفاترينة السينمائية قبل ان تفقد زهوها وبريقها. مروان فعل نفس الشيء مع رواية «عمارة يعقوبيان» قبل سنوات وكانت أولى تجاربه في فيلم قصير بعنوان «أكان لابد ان تضئ النور يا لي لي» وهو المأخوذ عن قصة للكاتب الكبير الراحل يوسف إدريس .
اختيارات المخرج مروان وحيد حامد تكشف عن وجود حاسة سادسة لديه تمكنه من استشعار القيمة الكامنة في العمل الروائي ولعلها صفة وراثية انتقلت إليه من والده السيناريست والكاتب الكبير صاحب الرصيد الأوفر والأميز من الأفلام والجوائز.
كمال القاضي

m2pack.biz