مصر حيرة بين «يوم الشرطة» الـ 66 والذكرى السابعة لـ «ثورة يناير»

مصر: حيرة بين «يوم الشرطة» ال 66 والذكرى السابعة ل «ثورة يناير»

مصر حيرة بين «يوم الشرطة» ال 66 والذكرى السابعة ل «ثورة يناير»

خيري
احتدم الصراع بين عاملات النظافة في غرفة تغيير الملابس في ناد شهير. فريق منهن يؤكد أن العطلة هي لمناسبة عيد الشرطة «يوم الشرطة». الفريق الآخر يجزم أنها الذكرى السابعة للثورة. «ذكرى إيه؟!» سألت إحداهن مستنكرة! أعادت الأخرى موضحة «ذكرى ثورة يناير». وفي النهاية احتكم الفريقان إلى شاشة التلفزيون القادرة وحدها على حسم الصراع. ولأن أغلبهن لا يعرف من القراءة إلا الأرقام، فقد كان في الرقم 66 دليلاً دامغاً وبرهاناً ثاقباً عاصفاً للرقم سبعة ومرجحاً كفة الشرطة.
«يوم الشرطة» واضح للجميع. كل الشاشات تحمل «لوغو» وزارة الداخلية في عيدها ال66. الاستنفار الأمني قبل وأثناء وبعد احتفالات الدولة الرسمية بذكرى استبسال الشرطة المصرية في وجه المحتل في 25 كانون الثاني (يناير) عام 1952، إلى درجة جعلت المحتل يؤدي التحية العسكرية لجثامين شهداء الشرطة وقت إخراجها من مبنى محافظة الإسماعيلية.
وفي ميدان الإسماعيلية (سابقاً) التحرير حالياً وبعد 66 عاماً من استبسال الشرطة وسبعة أعوام من قيام ثورة كانون الثاني 2011، مر المواطنون يوم أمس مرور الكرام على الميدان الذي انطلقت منه شرارات الثورة الأولى، وتولدت منه الانقسامات والانشطارات السياسية والأيديولوجية التي لم تكن على البال أو الخاطر. قليلون فقط هم من توقفوا ليتذكروا ما شهده الميدان من أحداث فاضحة لما جرى في المجتمع المصري على مدار ثلاثة عقود وأكثر، وكاشفة ما كان يدور فيه من استقطابات وتشققات لم يتنبه لها إلا القليلون قبل أيام الثورة ال18. ميدان التحرير رفع يوم أمس شعار «البيزنس كالمعتاد». سيارات عابرة، أبواقها زاعقة، ركابها تبدو عليهم آثار الإجازة واضحة، والأهم هو انقشاع حالة كراهية الشرطة والثورة على انتهاكاتها التي سادت في 2011 و2012، ثم محبة الشرطة والمصالحة مع المواطنين ورفع شعار «الشعب والشرطة يد واحدة» في عامي 2013 و2014، ثم بدء عودة الأمور إلى سابق عهدها، حيث استعادة باشوية الضباط وعنجهية الأمناء وفوقية الأفراد في السنوات التالية. السنوات السبع الماضية تركت آثارها واضحة على بقايا «الغرافيتي الثوري» الذي كان سمة من سمات «ثورة يناير». فمن رسوم «ارحل» و «الشعب يريد إسقاط النظام» و «طبع صور الفلول» إلى «مصر إسلامية» و «الإسلام هو الحل» و «الإخوان هم الأصلح» جنباً إلى جنب مع نماذج كاريكاتورية للمرشد ورجاله وهم «يكوّشون» على مصر ومن وما فيها، ثم «مصر إسلامية رغم أنف العلمانية» يقابلها «سيسي رئيسي» و «الجيش والشعب إيد واحدة»، إلى اقتصار الكتابات الجدارية على «ملك الفيزياء» و «أمير الكيمياء» مع عناوين مراكز الدروس الخصوصية مع قليل من «حازم وشيماء معاً للأبد».
حديث الأبدية ظهر كذلك في لافتات انتخابية تتزامن وذكرى الثورة السابعة حيث «الحاج محمد السبع وولده يؤيدان بطل مصر للأبد». أجواء الاحتفال بعيد الشرطة وإحياء ذكرى الثورة المتزامنة وأجواء الانتخابات الرئاسية الملتبسة ساهمت على ما يبدو في التخفيف من حدة الصراع السنوي المعتاد حول إذا ما كانت «ثورة يناير» ثورة شعب أم مؤامرة جهات خارجية وعناصر داخلية وأصابع عابثة وأجندات سرية. إلا أن ذكرى الثورة هذا العام لم تمنع من ظهور عدد من الكتب على سبيل مواكبة المناسبة. فمن «مذكرات فلول» دفاعاً عن الرئيس السابق محمد حسني مبارك، إلى «اختطاف الثورة» هجوماً على «الإخوان»، إلى «كيراليسون» عن الأقباط بعد «ثورة يناير» إلى «أربعة أيام من يناير» وشهادة 58 مصرياً عن الثورة بعضهم شارك فيها والبعض الآخر لم يفعل.

m2pack.biz