معرض للمصري آدم عبد الغفار الأفيش السينمائي في عيون الجماهير

معرض للمصري آدم عبد الغفار.. الأفيش السينمائي في عيون الجماهير

معرض للمصري آدم عبد الغفار.. الأفيش السينمائي في عيون الجماهير

القاهرة «القدس العربي»: الأفيش السينمائي في مصر ظل لفترة طويلة مجرّد جزء من خطة الدعاية للفيلم، بمعنى أنه يهتم بالأساس بظهور أبطال الفيلم أو بطله الأوحد، كيفما اتفق، من دون أن يتعدى أن يكون عملاً فنياً بذاته، زخما لونيا ومحاولة ليكون معبّراً عن موضوع الفيلم وحكايته في اختصار، أو تجميع لأشهر لقطات الفيلم من وجهة نظر صُنّاعه.
وهو في الغالب يتم نقله، إلا في ما ندر، عن شكل الأفيش في السينما العالمية حسب وقت إنتاج الفيلم، كأفيشات الستينيات والسبعينيات على سبيل المثال. والسينما المصرية التي تعاني طوال تاريخها باستثناء تجارب قليلة من الاقتباس أو السرقة من أفلام أخرى، طالت هذه الآفة فن الأفيش بدوره، وفي الآونة الأخيرة أصبحت حالة النقل الحرفي لأفيشات الأفلام الأجنبية هي السمة الغالبة على السينما المصرية، ولكن هناك بعض التجارب التي تحاول أن تخلق عالماً خاصاً وفناً يخص الأفيش وحده، ومن هذه التجارب معرض الفنان آدم عبد الغفار، المقام حالياً في غاليري مصر، والمعنون ب «أفيش بليزير»، وهو حالة احتفائية بالعديد من الأفلام المصرية والعربية الشهيرة، التي تركت أثراً كبيراً في وعي ورؤية جمهور السينما.
إعادة إنتاج الأفيش
المختلف في المعرض أنه ليس استعادياً أو إعادة عرض للأفيشات الحقيقية التي صاحبت الأفلام وقت عرضها الأول على شاشات السينما، بل إعادة خلق أفيش خاص من وحي الفيلم نفسه، ومدى انطباع الجمهور عنه وتأثير العمل السينمائي على وعيه. من هنا يبدأ الفنان آدم عبد الغفار نسج عمله الفني وهو أحد الجماهير بحيث يبدو أهم تفصيلة في الفيلم هي المتصدرة الأفيش، أهم تفصيلة من وجهة نظر جمهور السينما، وبما أن اللعب هنا يأتي من خلال التفصيلات، فالعمل ينحو إلى التجريد الشديد، فقط ملمح مهم من العمل يستعيض به عن الفيلم ككل.
التجريد
هذه أهم سمة في اللوحات وأكثرها دهشة، ك»الكاب» الشهير الذي ارتداه عادل إمام في فيلم «شمس الزناتي» لسمير سيف، أو دراجة الشيخ حسني الشهيرة، في المشهد الأشهر الذي جسّده محمود عبد العزيز في فيلم «الكيت كات» لداوود عبد السيد، كذلك أسطوانة الغاز في فيلم «الإرهاب والكباب» لشريف عرفة، وهو مشهد شهير في الفيلم، ولحظة محاولة إرهاب الحكومة لتنفيذ طلبات الشعب بغض النظر عن نهاية الفيلم المُتهافتة أو شريط كاسي وصورة لعبد الحليم حافظ في فيلم «زوجة رجل مهم» لمحمد خان، وهكذا تتوالى التجريدات. ويبدو التساؤل عن قيمة الأفيش كعمل فني مستقل وهو في صورته هذه.. ماذا لو كان هذا الأفيش هو الأفيش الأساس للفيلم؟ وهي مقارنة مفروضة يلعب من خلالها الفنان أيضاً عن مدى جدارة رؤيته، ومدى ما حققه الأفيش الأصلي، الذي في الغالب لم يكن على مستوى اللوحات.
الرؤية التشكيلية
حاول الفنان أن يخلق من خلفية اللوحة جزءا حيا من اللوحة نفسها، بأن تصبح جدارية كاملة، كما في فيلم «المصير» ليوسف شاهين، أو «هلأ لوين» لنادين لبكي. من ناحية أخرى تبدو الحالة اللونية التي تسيطر على كل لوحة، وهي دالة على حالة العمل السينمائي، وتوحي بموضوع يوحي وتأثيره الكبير في مدى استخلاص فكرته أو ما وعاه الوعي العام للجمهور، وأصبح يستدل به في أحاديثه، وحواراته اليومية. وبالفعل نجح الفنان إلى حدٍ كبير في تجسيد هذه الحالة، وهو ما يدعو إلى التفكير في فن الأفيش السينمائي المصري، وهي محاولة لتطوره وجعله عملاً فنياً له جمالياته التي تضيف إلى الفيلم، ولا يقتصر على كونه تابعاً له، وأداة قاصرة على مجرّد الدعاية لفيلم سينمائي.

m2pack.biz