تحسين قدرة التحكم في التفاعلات الكيميائية

تحسين قدرة التحكم في التفاعلات الكيميائية

تحسين قدرة التحكم في التفاعلات الكيميائية

وجد فريق من كيميائيين جامعة تورنتو، بقيادة الباحث جون بولاني John Polanyi الحائز على جائزة نوبل، وسيلة لتحديد معامل التأثير أو المسافة المفقودة التي يخسر فيها الكاشف الجزيء المستهدف، وبالتالي تتغير منتجات التفاعل الكيميائي. تم نشر النتائج في مجلة التقدم العلمي Science Advances.
قال بولاني (أستاذ قسم الكيمياء في جامعة تورنتو): يقوم الكيميائيون دائمًا بإلقاء الجزيئات ببعضها على أمل صنع شيء جديد. وجدنا في هذه الدراسة طريقة للتحكم بالنواتج من خلال توجيه الجزيء القذيفة إلى الجزيء المستهدف مع ضبط دقة الجزء الصغير من قطر الجزيء المستهدف.
تشبه ديناميكية الجزيئات في الكيمياء الحركية لعبة البلياردو حيث يرسل اللاعب الكرة باتجاه الكرة المستهدفة، كما يقومون الكيميائيون بإطلاق الجزيء باتجاه جزيء آخر لإحداث التفاعل كيميائي.
على أية حال؛ أصبح من الواضح أنه يمكن القيام بذلك إما بشكل طبيعي وبصورة تلقائية، أو عمداً.
منعت العشوائية الطبيعية في حركات الجزيئات الكيميائيين في السابق من توجيه الجزيء المقذوف إلى الهدف مثل لاعبي البلياردو؛ بدلاً من ذلك، اضطروا للعب البلياردو بعينيين معصوبتين. وأصبح الكيميائيون على مر السنين جيدين جداً في لعبة البلياردو بعينيين معصوبتين، باستخدام الكرات اللزجة ورميها بقوة أو برِفق.
قال بولاني: “لقد وجدنا طريقة لخلع عصابة العين وتوجيه كلَّ جزيئة مقذوفة.” حقق الباحثون ذلك، عن طريق وضع الجزيئات على بلورة معدنية ثم تطبيق تيار صغير على أحد الجزيئات باستخدام طرف معدني حاد ذرياً. وتسببت الزيادة في الطاقة بإطلاق الجزيء “المقذوف” عبر السطح في خط مستقيم يشبه السكك الحديدية على طول البلورة المعدنية، باتجاه الجزيء “المستهدف” الموجود على البلورة، ويفقد الجزيء الطاقة بمقدار مضبوط.
ظهرت بشكل متكرر مسافات مفقودة مختلفة تسمى “معاملات التأثير Impact Parameters”، تعطي نتائج مختلفة، وهذا يعني أنماط مختلفة من التفاعلات.
قال كلفن انجارا Kelvin Anggara (زميل ما بعد الدكتوراه في مجموعة بولاني للأبحاث ومؤسس رئيسي للدراسة): السطح البلوري الأساسي هو طاولتنا للبلياردو. بالاستفادة من الأخاديد أو التجاويف الطبيعية المحززة بشكل ملائم على سطح البلورات، يمكننا توجيه الجزيء المقذوف المتحرك بحيث يصيب الهدف إما وجهاً لوجه أو في اصطدام مضيء بحيث يخطأ الهدف بالمقدار المطلوب. تماماً كما هو الحال في البلياردو فبهذه الطريقة يمكننا التحكم في نتيجة التصادم الجزيئي.
تم اختيار مصطلح المسافة المفقودة أو معامل التأثير “الفاكهة المحرمة لديناميكية التفاعل forbidden fruit of reaction dynamics” من قبل دودلي هيرشباخ Dudley R. Herschbach (أستاذ في جامعة هارفارد، شارك معه بولاني جائزة نوبل لعام 1986م ومعهم يوان لي Yuan T. Lee) حيث مكنّت اكتشافات العلماء الثلاثة الكيميائيين من استنتاج قوى عديدة للتحكم بالتفاعل الكيميائي، مثل معامل التأثير الذي أتاح التحكم المباشر بالتفاعل.
اختيار معامل التأثير أمر أساسي لمعرفة نتيجة التفاعل الكيميائي، كما هو موضح استناداً الى التجارب.
عندما كان معامل التأثير مساوياً للصفر، أظهر التفاعل في الأعلى بنية مضاعفة لزوج الجزيئات CF2
على سطح النحاس، أما في الحالة الثانية، حدث الاصطدام عند معامل تأثير أكبر (3,6 أنجستروم A)
فظهر نمطًا مختلفًا من التفاعلات الكيميائية مع المعادن، يعطي نواتج متباعدة ومرتبطة بشكل منفصل كيميائياً بالمعدن الأساسي
كما هو مبين في الصورة (الناتج ب).
يحدّد مسار التفاعل عن طريق دراسة معامل التأثير، ولم يتم إثبات ذلك سابقًا بسبب صعوبة تعيين معامل التأثير.
تنطبق هذه الدراسة حتى في حالة الحزم الجزيئية المتقاطعة Crossed Molecular Beams CMB، تكون الحزم موجهة بعضًا لبعض بطريقة أنيقة لكن الجزيئات ليست كذلك، ويتم تجاهل هذا في الغالب، حيث يمكن الآن للجزيئات المنفردة أن تستهدف بعضها بدقة شديدة.
هل تعتقدون بأنّ هذا الإنجاز خطوة كبيرة إلى الأمام في السيطرة على التفاعلات الكيميائية؟

m2pack.biz