تونس حراك اجتماعي كبير يطالب بالتشغيل والتنمية… وسياسيون يدعون الحكومة للحوار مع المحتجين

تونس: حراك اجتماعي كبير يطالب بالتشغيل والتنمية… وسياسيون يدعون الحكومة للحوار مع المحتجين

تونس... حراك اجتماعي كبير يطالب بالتشغيل والتنمية… وسياسيون يدعون الحكومة للحوار مع المحتجين

تونس «القدس العربي»: يتواصل الحراك الاجتماعي في تونس، حيث تشهد عدد من الولايات احتجاجات متواصلة تطالب بالتشغيل والتنمية، فيما عبر اتحاد الشغل وعدد من الأحزاب السياسية داخل الائتلاف الحاكم وخارجه عن دعمهم لمطالب المحتجين، داعين الحكومة إلى الحوار مع المحتجين واتخاذ إجراءات عاجلة قبل أن تؤثر الاحتجاجات الحالية سلباً على الوضع الاجتماعي والأمني في البلاد.
وشهدت ولاية تطاوين (جنوب) مؤخرا سلسلة من الاحتجاجات وإضراب عام نفذه سكان المدينة للتنديد بالتهميش والمطالبة بالتشغيل والتنمية، فيما قرر سكان ولاية الكاف (شمال غرب) الدخول في احتجاج متواصل إثر إغلاق مصنع الكوابل كليًا، كما نفذ بعضهم مسيرة باتجاه العاصمة بمشاركة عدد من منظمات المجتمع المدني لمطالب الحكومة بالتراجع عن القرار الأخير وتوفير فرص عمل جديدة لأبناء الجهة، وشهدت ولاية القيروان (160 كلم جنوب العاصمة) أيضاً احتجاجات مماثلة.
وأصدرت حركة «النهضة» بياناً أكدت فيه تفهمها للمطالب الاجتماعية الشرعية للمحتجين وحقّهم في التنمية والشغل للعاطلين، ودعت إلى التهدئة والمحافظة على سلميّة التحركات، كما طالبت الحكومة بتسريع الحوار مع مواطني تطاوين وشبابها المعطّل حتى الوصول إلى الحلول المأمولة.
فيما عبّر حزب «حراك تونس الإرادة» عن دعمه ل»الحراك الاجتماعي السلمي وتبنّي مطالبه المشروعة في التشغيل بقوّة ومساندة كلّ أشكال النضال الاجتماعي السلمي وفرض السيادة المواطنيّة الاجتماعيّة، محملاً الحكومة «المسؤوليّة عن تدهور الوضع الاجتماعي ودعوتها إلى الوصول إلى حلّ في مدينة الكاف يضمن الشغل لعديد العائلات التي بقيت بلا دخل بسبب إغلاق مصنع الكابل وضياع حقوق عائليها مع تهديد المستثمر بالمغادرة (فضلاً عن) مساندة أهالي تطاوين في مطالبهم، ودعم حراكهم الاجتماعي السلمي الراقي».
وأضاف في بيان أصدره الثلاثاء «يذكّر (الحزب) بحقيقة الانقسام الاجتماعي الذي يجعل من البلاد مشهدين سياسيين متوازيين: مشهد رسمي يقوم على ديمقراطيّة تمثيليّة مؤطرة عاجزة يُراد لها أن تتأسس على الفساد ولوبياته القديمة والجديدة المستفيد من محاولة المصالحة المغشوشة. ومشهد مدني وشعبي يقوم على مواجهة التهميش والتفقير والنسيان ويجتهد في توحيد البلاد في مشهد سياسي واحد يقوم على ديمقراطيّة صالحة بأفق مواطني اجتماعي ومنفتحة على أوسع الحشود».
فيما أصدر اتحاد «الشغل» بياناً عبر فيه عن مساندته لكلّ تحرّك اجتماعي وشعبي سلمي من أجل مطالب مشروعة في التنمية والتشغيل، كما أكد التزامه بالاتفاقيات التي وقعها مع الشركات النفطية فيما يتعلق بإيجاد فرص عمل جديدة للعاطلين عن العمل.
كما دعا الحكومة إلى إقامة «حوار جادّ ومسؤول مع شباب التحرّكات الاجتماعية ومع منظّمات المجتمع المدني بما يضمن تكريس التصوّرات المحقّقة لإنقاذ هذه الجهات من مآسي التهميش والإقصاء التي مورست عليها، ورفض أي توظيف لمعاناة الجهات ومآسيها سواء بمحاولة الركوب على نضالاتها أو بالاكتفاء بتفهّم مطالبها مجاملة دون المساهمة في فضّ مشاكلها»، مطالباً بالتطبيق العملي ل»فصول الدستور الداعية إلى التمييز الإيجابي وضبط سياسة وطنية تمكّن الجهات المحرومة من الانتفاع من التوزيع العادل للثروة ومن تحقيق العدالة الاجتماعية وتمنع الحيف والظلم في هذه الجهات».
وكان رئيس الحكومة يوسف الشاهد اتخذ عدداً من القرارات الخاصة بولاية «تطاوين»، أبرزها «إعطاء الأولوية لانتداب أبناء الجهة في الشركات البترولية وذلك حسب الكفاءات المطلوبة على أن لا تقل نسبة المنتدبين من أبناء الجهة عن 70 في المئة»، فضلاً عن تنفيذ عدد من المشاريع المتعلقة بالبنية التحتية، وعقد مجلس وزاري خاص بالتنمية في الجهة خلال النص الأول من شهر أيار/مايو المُقبل.
إلا أن عدد من المراقبين اعتبروا أن الإجراءات الحكومية ما زالت غير كافية للحد من الفقر والبطالة في عدد من الجهات المحرومة، حيث كتب المحلل السياسي د. عبد اللطيف الحناشي عل صفحته في موقع «فيسبوك»: «لم افهم لحدّ الان لماذا لا تبادرالحكومة وتسعى لحلّ او معالجة بعض المشاكل الجهوية او القطاعية إلا بعد ان تقوم تلك الاطراف والجهات بالتحركّ والاحتجاج والاضراب».
وأضاف الباحث سامي براهم «كلّ تحرّك شعبي سلمي مدني غير موظّف يرفع المطالب الاجتماعيّة هو بمثابة تصحيح لمسار الانتقال الديمقراطي وإنقاذه من التردّي الذي وصل إليه بسبب تجاذبات الأحزاب واصطفافاتها وانقساماتها وشقوقها ومهاترات منظوريها وصراعاتهم ونزاعاتهم الغنائميّة والنرجسيّة المريضة.
الحراك الاجتماعي تذكير لمن تنفعهم الذّكرى من السياسيين بأنّ خلف مشهد السيرك الحزبي والسياسي الرّاهن شعب أنجز ثورة من أجل كرامة العيش طال انتظاره وقد ينفد صبره على ما يشاهده من عجائب نخبه».
وتابع «من كان يتصوّر أنّ حراكاً شعبيّاً محدوداً أربك منظومة استبداديّة برمّتها و خلخل أركانها وأفضى إلى ما أفضى إليه؟ نفس الذين لم يصدّقوا وبقوا إلى آخر لحظة خارج السّياق الوطني بعيداً عن نبض الشّعب وعن دائرة الإدراك والاستيعاب، هم من يعيدون اليوم الكرّة من جديد ويستهينون بقوانين الاجتماع البشري وما يختزنه الشّعب من طاقة كامنة على صنع المبادرة والمفاجأة من جديد بنفس الأشكال السلميّة المدنيّة التي أبهرت العالم».
وشهدت تونس خلال السنوات الأخيرة عدداً كبيراً من الاحتجاجات المطالبة بالتنمية والتشغيل، انحصر أغلبها في الجهات المحرومة التي يتهم سكانها الحكومات المتعاقبة بتقديم بالتهميش وتقديم وعود «خلبية» لا تتم ترجمتها عادة على أرض الواقع.
Share on Facebook

m2pack.biz