تونس: رئيس الحكومة يُقر بوجود أزمة ثقة في البلاد… وسياسيون يعتبرون خطابه غير مطمئن
تونس – «القدس العربي»: أقر رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد بوجود «أزمة ثقة» بين الحكومة والتونسيين، كما تحدث عن وجود مافيا للفساد داخل الدولة، وعبر عن امتعاضه من انحدار مستوى الخطاب السياسي في البلاد، ولجوء بعض أحزاب الائتلاف الحاكم إلى مهاجمة الحكومة، فيما اعتبر بعض السياسيين والنشطاء أن خطابه لا يطمئن المحتجين ولا يقدم حلولاً للأزمة القائمة في البلاد.
وخلال حوار مع عدد من وسائل الإعلام التونسية، أكد الشاهد ضرورة إعادة الثقة مع الشعب وخصوصاً في الجهات الداخلية، مشيراً إلى أن الحكومات المتعاقبة بعد الثورة قدمت وعوداً غير قابلة للتنفيذ والتحقيق ولم تراعِ المقدرة المالية والاقتصادية للدولة.
وأقرّ بوجود أزمة ثقة مع بعض الجهات المحرومة وخاصة ولاية «تطاوين» التي تشهد مع بعض الولايات الأخرى احتجاجات مستمرة تطالب بالتشغيل والتنمية، مشيراً إلى أنه، خلال زيارته لعدد من مناطق البلاد، لم يعطِ وعودًا غير واقعية لا تستطيع الدولة تنفيذها، وتحدث عن زيارة أخرى خلال الأيام المُقبلة لعدد من الولايات المحرومة، سيعلن خلالها عن مشاريع جديدة تتعلق بالتشغيل والتنمية ودفع عجلة الاستثمار الداخلي.
من جانب آخر، أكد الشاهد أن حجم الفساد بات كبيراً جداً في تونس، مقراً بوجود «مافيا» له داخل الدولة، لكنه أكد بالمقابل أن حكومته تسعى «بنية وعزيمة صادقة» لمحاربته، عبر مراجعة الترسانة التشريعية التي وصفها ب«الضعيفة» وسن قوانين جديدة لمكافحته وحماية المبلغين عنه، فضلاً عن إعطاء صلاحيات واسعة لهيئة مكافحة الفساد، مشيراً إلى إحالة عدد كبير من الفاسدين داخل الإدارة التونسية إلى القضاء. كما عبّر عن امتعاضه من انحدار الخطاب السياسي السائد في البلاد والذي قال إنه «يتسم بالسب والشتم وهتك الأعراض ويجرنا إلى الإحباط واليأس»، مشيراً إلى أنه لا يرتقي إلى الحديث عن مشاكل التونسيين ويساهم – بالتالي- في فقدان ثقتهم في الحكومة.
ودعا الأحزاب السياسية إلى مراجعة نفسها، مشيراً إلى أنه من غير المعقول أن تصدر أحزاب الائتلاف الحاكم بيانات ضد حكومته، مبرراً ذلك بأن «أغلب الأحزاب السياسية في بلادنا مازالت غير مهيكلة بين القيادة والجهات».
وأكد الشاهد أنه لا يزعجه وجود معارضة للحكومة، لكن اعتبر أن معارضة الدولة «خط أحمر»، كما أشار إلى أن الحكومة لا يمكنها وحدها القيام بالدور التوعوي في البلاد، منتقداً في هذا الإطار ضعف الدور الاجتماعي والتأطيري للأحزاب.
ووصف الوضع الاقتصادي في البلاد بأنه «صعب»، رغم وجود مؤشرات تدل على تحسن النمو وإمكانية بلوغه 2.5 في المئة، مشيراً إلى أن حكومته «وضعت القطار على السكة مما سيساهم في تحقيق نمو بإمكانه خلق مواطن شغل، ولكن في الانتظار وضعت الحكومة حلولاً لامتصاص البطالة على غرار عقد الكرامة، وغيرها».
على صعيد آخر، اعتبر عدد من السياسيين والنشطاء أن الخطاب الذي اعتمده رئيس الحكومة خلال الحوار لا يقدم حلول مقنعة للأزمة القائمة في البلاد، حيث كتب القيادي في حزب «حراك تونس الإرادة» طارق الكحلاوي «الوزير الأول: «نحن لن نقدم وعود.. يجب ان نقدم وعود على اساس قادرية (كذا) الدولة». (…) قدمتم وعودا منذ حملتكم الانتخابية، وانت كنت فيها، وحكومتك الحالية هي ذات الحكومة السابقة عينهما معا السبسي وبعض حلفائه. التحيل الذي يقوم به هؤلاء في اكثر من مستوى بما في ذلك التنصل ممن اتى بهم الى السلطة». وأضافت الحقوقية ليلى حداد «الشاهد خطابه مفلس ليس فيه اي حلول او قدرة على الاقناع».
وتساءل الإعلامي سمير الوافي «هل هذه التصريحات تطمئن الجهات وتعطيهم أملاً؟ هل هذه هي الأسئلة والأجوبة التي ينتظرها المحتجون في الجهات؟ هل هذا هو الحوار المناسب في هذا التوقيت الحساس والظرف المتشنج والمناخ المتوتر؟ أين أسئلة الجهات الغاضبة؟ أين الأجوبة التي تقنع الذين يحتجون في الطرقات والشوارع كل يوم؟. هل هذا هو خطاب الأزمة؟»، مشيراً إلى أن أبناء الجهات الغاضبين لم يجدوا أي جواب يهمهم في حوار رئيس الحكومة.
وتشهد تونس احتجاجات متواصلة في عدد من المناطق المحرومة تطالب بالتنمية والتشغيل، في وقت تطلب فيه الحكومة منحها المزيد من الوقت لإيجاد حل للمشاكل التنموية، مع مراعاة الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد.
Share on Facebook