دلالات الدعوة التركية لإجراء محادثات بعد «سوتشي»
حلب – «القدس العربي» : ما أن أنهى الرئيس التركي رجب الطيب أرودغان زيارته لباريس، حتى باشرت الحكومة التركية التحضيرات للقاء على مستوى وزراء الخارجية للبحث في الشأن السوري.
وأثار اللقاء الذي أعلن عنه وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الأربعاء، والذي لا زال الغموض يكتنف مصير الكثير من تفاصيله، باستثناء توقيته الذي سيكون مباشرة ما بعد مؤتمر «سوتشي» المقرر أواخر الشهر الجاري، تساؤلات عدة.
الباحث في الشؤون التركية – الروسية الدكتور باسل الحاج جاسم قال ل «القدس العربي» إنه من الواضح أن توقيت اللقاء الذي تعد له أنقرة، يشير إلى حرص الأخيرة على عدم تصوير اللقاء على أنه التفاف على مؤتمر سوتشي، وكذلك على عدم تفسير الخطوة التركية على أنها نتاج لخلافات تركية- روسية، لا سيما وأن الأخيرة هي راعية سوتشي.
أما بشأن غاية تركيا من المؤتمر، فأعتبر الحاج جاسم أن تركيا تحاول إشراك أكبر عدد ممكن من الدول صاحبة التأثير البعيدة عن التنسيق الحاصل ما بين الدول الثلاث الضامنة لتوافقات أستانة «ترويكا» (روسيا، تركيا، إيران).
وأضاف أنه «من الواضح أن تركيا لا تريد أن تبقى وحيدة أمام روسيا وإيران في الملف السوري، وخصوصاً بعد التخلي العلني للكثير من الأطراف عن اتخاذ موقف حيال ما يجري في سوريا».
واستدرك الحاج جاسم، «لكن ذلك لا يعني أن خلافاً حاداً حصل ما بين تركيا وروسيا، لكن هكذا تقتضي العلاقات ما بين الدول».
أما المحلل السياسي التركي باكير أتاجان، فاعتبر أن دلالة التوقيت أي ما بعد سوتشي تشير إلى أن غاية تركيا من المؤتمر هي «تقييم مخرجات سوتشي». واعتبر في تصريح مع «القدس العربي»، أن الدعوة «تؤشر إلى وجود مخاوف تركية من المؤتمر، لا سيما في ظل عدم الاتفاق للآن على استبعاد حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي من المؤتمر».
وقال أتاجان، هذا ليس بخاف على أحد بدليل استدعاء وزارة الخارجية التركية لسفيري روسيا وإيران للتعبير عن انزعاجها من التصعيد العسكري الذي يهدد بنسف اتفاق خفض التصعيد، الذي على أساسه تم التحضير لمؤتمر سوتشي.
ولفت عبو الحسو الخبير المتخصص بالشأن التركي، إلى ارتدادات سلبية للتطورات العسكرية في إدلب على مستوى التنسيق الروسي- التركي السابق في سوريا.
وأضاف ل «القدس العربي»، أن تركيا منزعجة جداً من التطورات العسكرية في إدلب، وخصوصاً أن ذلك أدى إلى تجمع الآلاف من النازحين على حدودها، واستدرك «من هنا جاءت الفكرة لعقد هذا اللقاء». وفي الشأن ذاته ألمح الحسو إلى أن الدعوة تعني أن تركيا تحاول البحث عن بديل لتحالفها مع روسيا وإيران، من خلال التوجه إلى دول إقليمية أخرى وكذلك أوروبية.
وقال، لوهلة ما باتت تركيا تشعر وكأنها تحت رحمة إيران وروسيا في الملف السوري، لذلك تتوجه نحو البحث عن علاقات جديدة وخصوصاً مع الأوروبيين، لإعادة التوازن وزيادة فعاليتها في الملف السوري الذي يمس أمنها أكثر من بقية الدول. وبالبناء على ذلك رجح الحسو، أن تعمد تركيا إلى تقليل نسبة تمثيل المعارضة في سوتشي، والاكتفاء بحضور شخصيات قليلة فيه.
يذكر أن وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، لم يحدد الأطراف التي ستحضر اللقاء الذي سيتم على مستوى وزراء الخارجية، مكتفياً بالإشارة إلى أن الدعوة ستوجه للبلدان التي تشاطر بعضها المواقف في سوريا.