لودريان يرسم معالم الدبلوماسية الفرنسية حول سوريا ومحاربة الإرهاب والأزمة الخليجية

لودريان يرسم معالم الدبلوماسية الفرنسية حول سوريا ومحاربة الإرهاب والأزمة الخليجية

لودريان يرسم معالم الدبلوماسية الفرنسية حول سوريا ومحاربة الإرهاب والأزمة الخليجية

باريس «القدس العربي»: قدم وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان رؤية باريس للديبلوماسية الفرنسية في عهد الرئيس إيمانويل ماكرون حول عدد من الملفات الدولية، في حوار نشرته صحيفة «لوموند» أمس الجمعة.
وإن بلاده تسعى للتعامل بواقعية مع عدد من الأزمات الدولية، خصوصا الأزمة السورية. كما شدد على أن دحر تنظيم داعش ومحاربة الإرهاب في كل من ليبيا ودول الساحل والصحراء يعتبر أولوية كبرى لبلاده. ودعا لودريان إلى حلحلة الأزمة بين دول مجلس التعاون الخليجي بالحوار بالاعتماد على الوساطة الكويتية وعدم التصعيد.
الحل سياسي وليس عسكري في سوريا
وعن التحول في الموقف الفرنسي حيال الأزمة السورية قال وزير الدفاع الفرنسي إن الرئيس ماكرون عبر عن «رؤيته الخاصة للوضع في سوريا»، في إشارة إلى تصريح قبل أسبوع للرئيس الفرنسي أكد فيه أنه لا يرى خليفة شرعيا لبشار الأسد في الوقت الراهن.
و أوضح لودريان: «نحن واقعيون وواعون بضرورة عدم فرض رحيل الأسد كشرط لبدء المفاوضات، كم أننا واعون بأن حل الأزمة السورية لن يكون مع بشار الأسد. وأنا لا أرى كيف يمكن للاجئين الذين تم تهجيرهم أن يفكروا بالعودة إلى بلادهم من دون أي تغيير في بلاهم».
وعن التحذير الفرنسي للنظام السوري في حال إقدامه على استخدام السلاح الكيميائي أكد لودريان أن الرئيس ماكرون عبر عن موقفه بشكل واضح وحازم، وأن فرنسا مستعدة للتحرك وحيدة إذا اقتضى الأمر.
وشدد لودريان قائلا «في حال تأكد استخدام السلاح الكيميائي وتعرفنا على مرتكبي الجريمة فسنتحرك» لمعاقبة منفذي الهجوم.
وردا على سؤال حول ما إذا كان بشار الأسد سيتحول إلى حليف في محاربة الإرهاب، استبعد لودريان هذه الفرضية قائلا: «لم أر أية إشارات تدفعني إلى الاعتقاد بذلك».
باريس مستعدة للمشاركة في محادثات أستانة
وحول فرضية إمكانية مشاركة فرنسا في محادثات أستانة بين النظام السوري والمعارضة، بوساطة روسية وإيرانية وتركية، لم يستبعد وزير الدفاع الفرنسي مشاركة بلاده فيها، موضحا : «نستطيع العمل مع كل الأطراف التي تتبنى المبادئ التي تم إعلانها من طرف رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها بوتين إلى فرنسا. وهذا ما قلته لنظيري سيرغي لافروف في زيارتي الأخيرة إلى موسكو. وهذا هو الخطاب الذي أوجهه لكل الأطراف المشاركة لحلحلة الأزمة السورية».
وأضاف «أعتقد أن هناك فرصة تلوح في الأفق لوضع حد لهذه الكارثة في سوريا. استمرار الاقتتال يعتبر عارا على المجتمع الدولي. الروس مثل جميع الأطراف أصبحوا مقتنعين أن الحل لن يكون عسكريا، بل بالحوار البناء بين جميع الأطراف المتحاربة».
واعتبر أن حل الأزمة في سوريا في شقها السياسي لا يمكنه أن يكون دون الحل العسكري للقضاء على الإرهاب خصوصا على تنظيم داعش في سوريا والعراق.
وخلص إلى أن إعادة المبادرة السياسية والدبلوماسية حول الملف السوري ترتكز على أربع نقاط: «محاربة كل أنواع الإرهاب. والمنع المطلق لاستعمال أو تصنيع السلاح الكيميائي وضمان توزيع المساعدات الإنسانية لكل المدنيين الذين يحتاجونها في سوريا، وأخيرا، التوصل إلى حل سياسي بمشاركة كل الأطراف السورية، بمساعدة من الأمم المتحدة، وخاصة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ودول الجوار».
وفي سياق متصل، أكد وزير الدفاع الفرنسي انخراط بلاده في محاربة التنظيمات الإرهابية في إفريقيا. وتحدث لودريان عن إطلاق يوم غد الأحد لقوة إفريقية عسكرية من خمس دول بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في العاصمة المالية باماكو.
وقال لودريان: «نحن سعداء جدا بإطلاق هذه القوة العسكرية الإفريقية، لأننا كنا نقول دائما بأن فرض الأمن في هذه المنطقة تقع على عاتق الأفارقة أنفسهم» وأضاف «تصويت مجلس الأمن لإنشاء هذه القوة العسكرية كان أمرا ضروريا لإكسابها الشرعية وللحصول على تمويل أوروبي». وعما إذا كانت هذه القوات الإفريقية ستعوض القوات الفرنسية، أكد وزير الدفاع الفرنسي أنه في مرحلة أولى، ستقوم هذه القوات الإفريقية بحماية الحدود التي تعرف نشاطا للجماعات الإرهابية، كما أنها ستحظى بدعم القوات الفرنسية حتى يشتد عودها وتصبح قادرة على فرض الأمن لوحدها.
باريس متمسكة باتفاق الصخيرات
كما عبر جان ايف لودريان عن مخاوفه من انتشار الجماعات الإرهابية في ليبيا خصوصا تنظيم داعش. ووصفها بأنها تعيش حالة «إفلاس أمني» وأكد لودريان أن الرئيس الفرنسي «يولي أهمية كبيرة للملف الليبي لأنه مرتبط بتنظيم داعش، وكل أشكال التجارة بالبشر والهجرة غير الشرعية.
وردا عن سؤال ما إذا كان الجنرال حفتر يعتبر جزءا من الحل في الأزمة، أكد وزير الدفاع الفرنسي، أن فرنسا متمسكة باتفاق الصخيرات الذي تم توقيعه في كانون الأول/ ديسمبر عام 2015 برعاية الأمم المتحدة، والذي أسفر عنه ولادة حكومة وحدة وطنية بقيادة فايز السراج. وأكد لودريان أن الجنرال حفتر يعتبر جزءا من الحل مثله مثل حكومة فايز السراج، لإنهاء الصراع في ليبيا.
في سياق منفصل، تطرق الوزير الفرنسي إلى الأزمة التي تعصف بدول مجلس التعاون الخليجي، التي فجرتها كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر، بعد فرضها حصارا مطبقا على دولة قطر. واعتبر لودريان أنه يجب وضع حد لهذه الأزمة في أقرب وقت، لكونها تضر بمصالح جميع دول الخليج وبمصالح فرنسا التي تربطها علاقات قوية بمختلف دول المنطقة.
وقال لودريان «إن الخليج منطقة استراتيجية بالنسبة لفرنسا، ولدينا شراكات ومعاهدات دفاع مشترك مع الكويت والإمارات وقطر. هذه الأزمة مضرة بمصالح كل دول الخليج، ومصلحتها تتمثل في وضع حد لها بسرعة.
وعن الموقف الفرنسي حيال الأزمة الخليجية، قال «إن موقف فرنسا واضح تجاه هذه الأزمة. أولا، يجب محاربة كل أشكال دعم الإرهاب كيفما كانت. وهذه مسؤولية دول الخليج بشكل أحادي وجماعي. ثانيا، يجب حل هذه الأزمة داخل منظمة مجلس التعاون الخليجي، وليس عبر تدخلات خارجية. نحن ندعم الوساطة التي يقوم بها أمير الكويت ونؤمن بأن على الدول الخليجية تخفيف حدة التوتر فيما بينها، لأن هذا الانقسام لا يصب في مصلحة أي من الدول الخليجية.

m2pack.biz