ماذا نعرف عن بيع الديون
المصرية ؟
مصر تدخل مرحلة جديدة من ازمة الديون المتراكمة بعد اعلان الحكومة نية طرحها
في المقاصات والبورصات الاوروبية
آملا في شرائها من قبل المستثمرين ورجال الاعمال الاجانب وهو الامر الذي
يحذر منه الخبراء مقدمة لاحتلال اقتصادي وسياسي كما يشبهه متخصصون بصندوق الدين المصري
الذي انشأه الخديوي اسماعيل عام 1876 حينما تراكمت الديون حتى بلغت وقتها 91 مليون
جنيه الا أن الصندوق سرعان ما ادى لتدخل الدول الاجنبية في شؤون مصر لينتهي بافلاس
البلاد واحتلالها من قبل الانجليز ماذا نعرف عن بيع الديون؟ وهل يتحكم ملاك الديون الجدد في
سيادة مصر؟ التجربة المصرية منذ وصول السيسي
للسلطة اعتمد الجنرال العسكري على سياسة الاستدانة المستمرة وهو ما ادى لتضاعف
الدين الخارجي بنسبة تقترب من ثلاثمائة بالمئة خلال السنوات السبع الاخيرة حيث
ارتفع من حوالي 44 مليار دول عام 2014 الى حوالي 140 مليار دولار في عام 2021 لم يختلف الامر كثيرا فيما يخص الدين الداخلي والذي بلغ 4.5 تريليونات جنيه ما يعني
ان اجمالي الديون قد يتخطى 100% من الناتج القومي المصري وهو ما يسبب عيزا كبيرا في الموازنة العامة ويدفع الحكومة للاستمرار في الاقتراض بشكل دائم من اجل رد فوائد الديون فضلا عن الديون نفسها في هذه الحالة من تضخم الديون وعندما تصل
الحكومة درجة إحتياج جديدة لمزيد من الاموال لا يكون امامها سوى اللجوء لاسواق الدين الدولية بهدف بيع سندات وأصول وهو ما فعلته الحكومة المصرية مؤخرا حيث اصدرت
دفعتين خلال عام2021 بلغت قيمتها الاجمالية 8 مليارات دولار لكن ماذا لو لم تكفي هذه السندات؟ اي ان الحكومة تريد ضخ المزيد من الاموال في هذه الحالة يكون لديها
عدة خيارات ابرزها هو بيع ديونها في البورصات العالمية وهي الخطوة التي تقبل عليها
مصر الان رغم تحذيرات الخبراء والساسة من ان ذلك يعني رهن اصول الدولة حيث تمثل
هذه الخطوة الانتقال من الحكومات والمؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الى المستثمرين ورجال المال الذين سيتكفلون بتسديد الديون للطرف الاول ما يتيح
لمصر امكانية بدء دورة جديدة من الاستدانة لكن لماذا يشتري رجال الاعمال ديون دولة كمصر؟ وما الخطر الذي يمثلونه على مستقبل البلاد؟
سيناريوهات كارثية اقتصاديون يحذرون
من ان الخطوة القادمة في حال فشلت الحكومة في تسديد الديون وفوائدها قد تتمثل في الاضطرار لبيع اصول الدولة باقل من قيمتها الحقيقية لمستثمرين اجانب لا يعرف بتحديد توجهاتهم او مصالحهم وهو امر مشابه لما حدث اواخر عصر مبارك حيث اعتمدت
الحكومة سياسة الخصخصة عبر منح الشركات والمصانع المملوكة للدولة لمستثمرين ورجال اعمال مقابل تسديدهم جزءا من الديون المصرية
عام 2003 سخر الفيلم الشهير عايز حقي حق هذه السياسة حيث توقع ان تقود لبيع اصول مصر في مزاد علني بين رجال أعمال ومستثمرين مجهولي الهوية لكن هذه السخرية قد
تصبح حقيقة في عهد السيسي كما ان سيناريو الافلاس قد يكون واردا كما حدث مع الارجنتين 2019 وذلك بعد عجزها عن سداد الديون التي تضخمت خلال فترة حكم الرئيس اليميني ماكري الا ان وصول خلفه اليساري البرتوفرنانديز للسلطة ادى لوقف سياسة
الاستدانة واعادة التفاوض حول دفع الفوائد لينجح في النهاية لاتفاق مع الدائنين على اعادة جدولة الديون وينقذ بلاده من حافات الافلاس
(اللعب مع التنين) حكومة السيسي اتجهت لتنويع مصادر الديون وكان من بين وجهاتها المميزة الصين إلا أن العملاق الاسيوي لديه طرق غامضة فيما يخص الديون تتمثل في اخفاء بياناتها عن البنك الدولي حيث اظهرت دراسة بريطانية ان قيمة الديون الصينية غير المبلغ عنها تصل الى 385 مليار دولار
الديون الصينية لمصر لا يتم تضمينها في الميزانية العامة وعادة ما تذهب
لشركات تابعة للحكومة على سبيل المثال حصلت شركة العاصمة الادارية الجديدة على قرض صيني بقيمة ثلاثة مليارات ومائتي مليون دولار لبناء البرج الايقوني ومجمع الوزارات كما تحصلت على قروض اخرى موجهة لشراء قطار العاصمة والقطار السريع فضلا عن نحو نصف
مليار دولار لتطوير قطاع الغزل والنسيج ما يمثل مصدرا كبيرا للخطر هو ان بكين لا تمنح الديون جزافا وانما تستخدمها كسلاح تغري به الدول الفقيرة او غير الديموقراطية لتجبرها في حال عدم تسديدها على التخلي عن اصولها كالموانئ والمطارات او الحصول على امتيازات استراتيجية وتقديم تسهيلات عسكرية للقوة الصينية الصاعدة
فالصين في طريقها للاستيلاء على مطار عنتيبي بسبب عدم قدرة أوغندا على تسديد ديونها وهو الامر الذي تكرر سابقا في دول اخرى ، حيث استحوذت بكين على محطة توليد
المياه في زامبيا بعد فشل البلد الافريقي في دفع قيمتها قبل ان تستحوذ على الاذاعة الحكومية ، وفي كينيا كذلك تسعى الصين للحصول على حق ادارة ميناء مونباسا بعد فشل
الحكومة في سد قرض تقترب قيمته من 4 مليارات دولار ، بينما في سيريلانكا تتفاوض بكين للحصول على حق ادارة الميناء الرئيسي بالبلاد لمدة 99 عاما لذا يطلق الخبراء
على هذه الظاهرة اسم فخ الديون الصينية فهل تؤدي الديون بحكومة السيسي الى بيع
اصول مصر؟ وكيف تتجنب الاجيال القادمة ما آلت هذه الازمة؟