اللاشعور الاجتماعي 41من اصل41
ومن ثم فإنه يعيش في حالة بين الصحو والغفوة أو الغفلة ويكون مستعداً لتلقي المؤثرات من كل الجهات إلى أن يقتنع أن الأوهام الموحاة إليه تطابق الحقيقة: (وطبيعي أن شخصاً ما سيميل في مجالات يكون فيها الكتب الاجتماعي شديداً بخاصة، ميلاً خاصاً إلى أن يزيح في حياته الشخصية الواقع من شعوره). ففي مجتمع مثلاً يهذب ويتعهد الطاعة تجاه السلطة وبذلك يهذب على نحو خاص كبت التوعية أو النقد فإن الابن سيميل إلى الغلو في توقير الأب أكثر مما هي الحال في مجتمع لا يشكل فيه نقد السلطة عنصراً أساسياً للكب الاجتماعي.
وكان من شأن فرويد بصورة أساسية الكشف عن اللاشعور الفردي. صحيح أنه ذهب إلى أن المجتمع يكره على الكبت، إلا أن المسألة كانت في نظره مسألة كبت قوى غريزية لا مسالة كبت اجتماعي له الدور الحاسم: مسألة كبت التناقضات الاجتماعية وكبت الألم الذي سببه المجتمع وكبت عجز السلطة وخيبتها وكبت الإحساس بالانزعاج والاستياء وعدم الارتياح وهلم جرا. ولقد ظهر التحليل الفرويدي أنه لممكن إلى حد ما جعل اللاشعور الفردي شعورياً من دون المساس باللاشعور الاجتماعي أو التطرق إليه. على أنه يتبين من الإيضاحات حتى الآن أن كل محاولة لإزالة الكبت يجب أن تبقى من دون مراعاة للمجال الاجتماعي ذات تأثير محدود. ولا يستطيع المرء أن يصبح على شعور تام بما هو مكبوت حتى الآن إلا إذا تناول في العملية تحليل اللاشعور الاجتماعي فضلاً عن المجال الفردي. وتنشأ الأسباب لهذا الزعم مما سبق قوله. فإذا عجز إنسان ما عن أن يتسامى بمجتمعه وأن يدرك مدى تعزيز هذا المجتمع لتطور الإمكانيات الإنسانية أو مدة إعاقته لهذا التطور فلا يمكن أن تكون له أية علاقة واقعية بإنسانيته. فالمحرمات والقيود المشروطة اجتماعياً يجب أن تبدو له “طبيعية” ويجب أن تبدو له الطبيعة في صورة مشوهة ما دام لا يدرك أن المجتمع الذي يعيش فيه هو المسئول عن هذا التشوه.